صلاح حبيب

المرشحون لم ينجح أحد..!!


أول انتخابات نشاهدها كانت في نهاية سبعينيات القرن الماضي ونحن طلبة حديثو التخرج في جمهورية مصر العربية، وقتها كنا نسكن بمنيل الروضة في شقة كانت مفتوحة لكل السودانيين القاصدين الدراسة، ريثما يبدأ الطالب أو مجموعة الطلبة ترتيب أوضاعهم السكنية.. ونحن في تلك المنطقة الشعبية تفتحت أعيننا على أول انتخابات نشاهدها ونشاهد زخمها، لافتات وهتافات باسم المرشح وعملية الطبول تدق والمصريون يعجبوك في مثل هذه الحالات. لم نكن ندري أنا وصديقي ونسيبي فيما بعد الدكتور “موسى عمر محجوب” معنى هذه الانتخابات، كنا نمشي مع تلك المسيرة نصفق ونهتف نحن معاك يا بيطار ولا ندري من هو بيطار ذلك المرشح الذي نهتف باسمه.
حلاوة الديمقراطية في هذه الانتخابات حينما تكون حرة ونزيهة ولكن لم نتفاعل مع أي انتخابات أخرى إلا في انتخابات الديمقراطية الثالثة، ووقتها لم تتجاوز خبرتنا العملية في بلاط صاحبة الجلالة إلا بضع سنوات، كانت مليئة بالزخم ولم تكن الأحزاب بهذا المستوى الذي نعيشه، كانت أحزاب الأمة والاتحادي الديمقراطي والجبهة القومية الإسلامية والحزب الشيوعي.
وكانت الملصقات على جدران المدارس والمنازل وكانت البرامج واضحة لكل حزب، وكانت الدور الحزبية مليئة بالمريدين والعشاق، وكانت الليالي السياسية هنا وهناك، وهناك المناصرون لهذا الحزب والمخالفون لذلك، وكانت التكتلات لإنجاح هذا المرشح ولضرب المرشح الآخر، كانت ممارسة ديمقراطية حقيقية، ثم جاءت انتخابات 2010م، وهي ربما تمثل الديمقراطية الرابعة إذا لم تنسحب بقية الأحزاب، لقد كان الزخم فيها أكبر حتى من الديمقراطية الثالثة خاصة دخول الحركة الشعبية كمنافس للمؤتمر الوطني، فكان مناصرو الحركة الشعبية من الشماليين ربما أكبر من الجنوبيين خاصة الشامتين منهم في المؤتمر الوطني. وقتها كنت المنسق الإعلامي في المفوضية القومية للانتخابات، وكنت لصيقاً جداً بتلك الانتخابات وكل ما كان يجري فيها، المرشحون وشماراتهم وصراعاتهم مع المفوضية، كان الزخم كبيراً في تلك الانتخابات ولكن انتخابات 2015م، والتي كان الجميع يعلمها ويعلم ميقاتها ولكن لم تكن بمثل حماس الانتخابات التي مرت على البلاد منذ الديمقراطية الأولى وحتى انتخابات 2010م، الآن هناك تسعة عشر مرشحاً لرئاسة الجمهورية لا أحد يتذكر الاسم الكامل لكل مرشح حتى أعضاء المفوضية أنفسهم، مما يدل على أن تلك الانتخابات ليس لها منافسة كبيرة حتى يتذكر المواطن أسماء المرشحين وحتى برامج أولئك المرشحين لم تكن واضحة أو فيها نوع من المبالغة كالمرشح الذي يمكنه إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية في ثلاثة أشهر، أو الذي قال سوف يعيد أسعار الخبز لما كانت عليه من قبل.. كل المرشحين يحملون أو يعيشون في حلم وردي ولا أدري كيف حصل أولئك على متطلبات الترشيح ومنها الخمسة عشر ألف مواطن من ولايات السودان المختلفة.. ينبغي أن يعترف أولئك المرشحون بالهزيمة المبكرة وكل ذي بصر وبصيرة يدرك أن المرشح “عمر البشير” سيحصد الأصوات وبنسبة كبيرة جداً، أما الأحزاب المنافسة إذا لم ينسحب لها المؤتمر الوطني من بعض الدوائر فلن تجني ثمار تلك الانتخابات، ولذلك من الأفضل لأولئك المرشحين إما أن يلموا قروشهم أو أن يدعموا بها المساكين والفقراء.