صلاح حبيب

ديكتاتورية الأحزاب!


أوردت بعض الصحف الصادرة أمس أن خلافاً قد دب بين الدكتور “غازي صلاح الدين العتباني” رئيس حزب الإصلاح الآن والفريق “محمد بشير سليمان” وربما يقود هذا الخلاف إلى فصل الفريق من منصبه داخل الحزب لتكون معظم الأحزاب السياسية القديمة والحديثة تضيق بالحرية وكل من خرج من حزب اتهم الحزب الذي خرج منه بالديكتاتورية وعدم ممارسة الديمقراطية بداخله. فالدكتور “غازي صلاح الدين” حينما خرج من المؤتمر الوطني خرج غاضباً من سياسته معتقداً أن مساحة الحرية داخل حزبه ضيقة ولذلك أنشأ حزبه وخرج من خرج من المؤتمر الوطني وانضموا إليه معتقدين أن الإصلاح سيكون حاله أفضل من حال المؤتمر الوطني وأن مساحة الحرية بداخله ستكون أفضل وسيكون النقاش بشفافية ولكن بدأت أمراض الأحزاب السياسية وضيق قياداتها من منسوبيها مما يؤكد أن قيادات الأحزاب السودانية في داخل كل رئيس حزب ديكتاتورية صغير يظل ينمو حتى يكبر فإذا كبر تفرعت على الآخرين.. فالآن يبدو أن ديكتاتورية “غازي” بدأت تكبر فضاق الفريق “سليمان” ربما لبعض الآراء التي لم يستحسنها فيه فبرز الخلاف على السطح وقد يقود إلى إقالته من منصبه، وحتى الفريق “سليمان” إذا خرج مغاضباً عن الإصلاح الآن وكون حزباً منفرداً سيأتي اليوم الذي يصير فيه ديكتاتورياً في أنصاره، وهذه سمة “البشر” التطلع وإذا وقف أحد أمام تطلع أولئك سيكون مصيره الفصل وإذا عدنا للوراء وأخذنا تجربة السيد “مبارك الفاضل” الذي كان يتطلع إلى رئاسة حزب الأمة وحينما اختلف مع الإمام “الصادق المهدي” اعتبر “مبارك” أن الإمام ديكتاتور فينفرد برأيه ولا أحد يستطيع أن يثنيه عن القرارات التي يصدرها، ولذلك خرج “مبارك” ومعظم الجماعات التي كانت تظن أيضاً أن الإمام ديكتاتور ولكن حينما كون سيد “مبارك” حزب الإصلاح والتجديد وشعر وقتها بالزعامة ولكن لم تدم طويلاً لأنه تجبر على من خرجوا معه، فظن أن أولئك سوف يبصمون على قراراته أو يوافقونه في كل كبيرة وصغيرة إلا أن معظم الذين خرجوا مع سيد “مبارك” كانوا معتدين بأنفسهم أمثال الدكتور “الصادق الهادي” والدكتور “نهار” والراحل “الزهاوي” و”مسار” وغيرهم من القيادات التي خرجت من حزب الأمة وحتى تلك القيادات خرجت وكان لسان حالها يقول خرجنا من ديكتاتورية الإمام إلى ديكتاتورية سيد “مبارك” فكون كل منهم حزبه وضاقت المجموعات التي خرجت من كل حزب برئيسها الجديد، واعتبرت أن كل حزب يخرجون منه يجدون ديكتاتورية جديدة لذا فإن الإصلاح الآن ليس حزباً جاء من السماء فشأنه شأن كل الأحزاب السودانية فبداخله ديكتاتور صغير ينمو ويتمدد كما هو حال رؤساء وزعماء الأحزاب السياسية.. فالفريق “سليمان” إذا قدر له الخروج من الإصلاح الآن عليه اعتزال السياسة فهو عسكري منضبط يجب أن يحافظ على ما تبقى من عمره وإلا تأخذه العزة بالإثم أو تأخذه الحماقة فيذهب لتكوين حزب جديد ليصبح ديكتاتوراً فيه..
كفاية أحزاب، فالساحة السياسية لا تحتمل هذا الكم الهائل.. فمن أراد أن يقدم خدمة لهذا الشعب فهناك مجالات مختلفة وليس بالضرورة الانضمام إلى الأحزاب أو تكوين حزب.