صلاح حبيب

من صنع انتفاضة رجب أبريل 1985م..؟!


بالأمس مرت ثلاثون عاماً على انتفاضة رجب أبريل 1985م، والتي سرقت من أصحابها الحقيقية إذ إن كل جهة أو حزب تدعي أنها المحرك الأساسي لها رغم أن أصحابها مازالوا على قيد الحياة إن كانت نقابة المحامين أو طلاب جامعة أم درمان الإسلامية أو الشماشة الذين يعتبرون المحرك الأساسي لتلك الانتفاضة، ولكن لأن الشماشة ليست لهم بدل أو ربطات عنق أو سيارات فارهة ضاعوا فيها وتلقفتها جهات أخرى مدعية أنها من صنعت الانتفاضة، فنحن وقتها كنا شهود على تلك الانتفاضة بعد أن تكررت اعتقالات طلاب جامعة الخرطوم باعتبار أن جهاز الأمن كان قد ألقى القبض على خلية من طلبة جامعة الخرطوم وضبط بحوزتهم ماكينات (رونيو) ومنشورات كان الغرض منها إثارة الشغب، ولا أنسى في تلك الأمسية ونحن محررون بقسم الأخبار بجريدة (الأيام) فطلب منا رئيس القسم الأستاذ “أحمد البلال الطيب” الذهاب إلى مكاتب جهاز الأمن أنا وزميلي الأستاذ “عوض أبو طالب” ولا أذكر أن الأستاذ “محمد لطيف” كان من ضمننا ولكن ذهبنا والدنيا ظلام فدخلنا مكاتب الجهاز للحصول على المعلومات من المسؤولين بالجهاز عن تلك الخلية التي تريد أن تزعزع أمن الوطن، ولكن تطورت الأحداث بعدها وبدأ الشماشة في تحريك الشارع من خلال التعدي على المارة وعلى السيارات، ومن ثم بدأت جهات أخرى تدخل في مقاومة جهاز الأمن وهذا ما أثار “أبو ساق” و”أبو القاسم محمد إبراهيم” حينما اشتعل الشارع وبدأت قطوعات الكهرباء والمياه وبدأ الجهاز في اعتقال الطلبة والسياسيين ونقابة المحامين ونقابة الأطباء، وتسارعت خطى الانتفاضة وحاول “أبو القاسم” ومجموعة من المايويين أن يؤكدوا للشارع أن مايو باقية ولا أنسى استطلاعاً أجريته ونحن داخل مسيرة الردع التي تحركت من النصب التذكاري بالقصر الجمهوري إلى السكة الحديد وكانت مسيرة هزيلة قوامها مجموعة بسيطة فسألت وقتها المشير “سوار الذهب” عن بقاء مايو فأكد أنها باقية وكذلك وزير الداخلية “عباس مدني” وشخصية ثالثة لا أذكرها الآن ولكن تلك القيادات قالت إنها أدت قسم الولاء لمايو وفعلاً كانت صادقة في ولائها ولكن مجموعة من العسكريين أمثال الفريق “تاج الدين عبد الله فضل” ضغطوا على المشير “سوار الذهب” باعتباره أكبر رتبة عسكرية وإلا سوف يتم تجاوزه ولذلك أعلن المشير “سوار الذهب” انحيازه للشعب وقرأ البيان بانحياز القوات المسلحة إلى جماهير الشعب السوداني، ولكن حتى الآن المشير “سوار الذهب” لم يفصح ولم يجلس لأي صحفي للحديث عن الأيام الأخيرة لمايو، وكيف انحازت القوات المسلحة وما هو دوره في الانتفاضة لذا فإن انتفاضة رجب أبريل 1985م، مازالت المعلومات عنها غائبة والقيادات متكتمة خشية أن تسيء إلى الزملاء أمثال “سوار الذهب” وغيره من القيادات المايوية.. فإن لم يتحدث “حمادة” و”عمر عبد العاطي” و”تاج الدين” و”عثمان عبد الله” وكل الذين شاركوا فيها، فلن نكتب شهادة حقيقية لهذه الانتفاضة ومن صنعها.