جعفر عباس

لا للسنة الجديدة والمرآة

كتبت مرارا مؤكدا أنه لا يهمني من السنة التقويمية رأسها أو مؤخرتها، بل لو عناني من أمر السنة الشيء فهو الحزن على وداع العام «المنصرم»، لأنه انصرم بعد أن من حسابي «خَصَم»، وفوق هذا كله ففي تقديري فإن السنة كلها على بعضها مفتعلة، ولست مقتنعا بأن السنة يجب أن تتألف من 12 شهرا، بموجب حسابات أجراها بابوات الفاتيكان وأباطرة روما (يوليو وأغسطس مثلا أسماء حكام رومان ومارس إله الحرب عند قدماء الرومان.. ولعل القارئ لا يعلم أن مارس يبدأ في نفس يوم الأسبوع الذي يبدأ فيه نوفمبر، وينتهي في نفس يوم الأسبوع الذي ينتهي فيه شهر يونيو من كل عام)، وعدة الشهور كما جاء في القرآن الكريم 12، ولكنها ليست يوليو وتموز.
ولست مقتنعا بأن كل شهر ينبغي أن يتألف من 30 أو 31 يوما ما عدا فبراير «الملطشة»، الذي يجعلونه تارة 28 يوما وتارة 29 يوما، (الموظفون يحبون فبراير لأنهم يتقاضون فيها رواتب يومين أو ثلاثة بالأوانطة)، بل لا أعرف من الذي قرر أن يكون اليوم 24 ساعة وأن تتألف الساعة من 60 دقيقة، كل هذه الأشياء مفروضة علينا تماما مثل كروية الأرض، رغم أننا جميعا في قرارات أنفسنا نقول إن كروية الأرض مجرد «إشاعة»، وقرر الإنجليز أن بلدة غرينتش تقع في منتصف الكرة الأرضية، على خط الطول صفر، وعلى بقية الناس أن يحددوا الوقت في ضوء توقيت غرينتش! طيب إذا كانت الدنيا كروية فعلا فلماذا لا يمر خط طول صفر بالخرطوم أو كركوك؟ لماذا دبسونا نحن الأفارقة في خط الاستواء حتى «استوينا» بالحر والبعوض والأسود والثعابين، وخصصوا لأنفسهم خطوط العرض الطراوة؟
وقبل أيام لاحظت أنه كانت هناك قشرة بيضاوية تعلو وجهي، فأخذت علبة دهان مرطب، ووقفت أمام المرآة لأتمتع بشكلي وأتغزل بمحاسني، بعد أن يلمع وجهي بتأثير الكريم المعطر. وصدرت مني صرخة، فقد وجدت أمامي شخصا غريب الشكل والملامح.. ولكنه يحمل ملامح جعفر عباس.. قلت في سري: الدوام لله يا أبو الجعافر.. لقد سرق عام 2014 ملامحك التي دوخت سعاد حسني وهند رستم، وصرت الآن في حال تجعل حتى واحدة من جيل الشحرورة الراحلة صباح تنفر منك! وحاولت أن أعزي نفسي وأواسيها متذكرا أن هناك بعض «أولاد دفعتي» الذين صاروا يمشون بالعكاكيز، وبعض زميلات الدراسة اللواتي صرن جدّات قبل سنوات، ثم تذكرت أكبر حماقة ارتكبتها في حياتي، وهي أنني عملت في تدريس البنات في المرحلة الثانوية.. وبين الحين والآخر تستوقفني بقايا امرأة بصحبتها شابة يانعة وتقول لي: أنت أستاذ جعفر؟ ما عرفتني؟ أنا زبيدة.. درستني في زفت الثانوية بنات.. ثم تطلب مني أن أُسلم على بنتها زازا التي تدرس في أوكرانيا! أود لو أصيح في وجهها: لا شفتك ولا أعرفك، وعيب عليكي تعاكسي راجل ما تعرفيه!
سأعترف لجيل الشباب بسر خطير: لا تكونوا بلهاء، وتفترضوا أن كل كبار السن حكماء.. شخصيا لا أحس بأنني استحق لقب «حكيم»، لأنني مازلت أرتكب أخطاء وحماقات طفولية… وأخالط أناسا في مثل سني وأعجب من أن بعضهم مازال ساذجا ونزقا، طوله طول النخلة وعقله عقل السخلة وهي بيبي المعزة.. ومنهم من صفعته المرآة كما فعلت بي، ولكنه يعاند ويكابر، ويستخدم الموكيت لإخفاء الصلعة والمساحيق لإخفاء التجاعيد.. وما هو أسوأ من كل هذا هو التصابي بالزواج بشابة جديدة من «الوكالة»… شخصيا قررت مقاطعة المرايا تفاديا للمناظر المؤذية للروح المعنوية.

jafabbas19@gmail.com