الطاهر ساتي

أعرِش على كده !


:: وتقول الطرفة أن المهندس كان يتصل بالمغترب الذي كلفه ببناء منزله ويلاحقه شهريا : ( يا حاج رسل خمسين مليون، خلاص حفرنا ليك الساس)..ثم في الشهر التالي : ( ياعمنا حول مية مليون، خلي الشغل يمشي)..ثم قبل نهاية الشهر : ( ياعمنا بالله إجدعنا بخمسين مليون، عشان ننزل المواد)، وهكذا .. الى أن اتصل به ذات يوم، وقبل أن يطلب، سأله المغترب : ( ياخوي كدي خلينى من طلباتك دي، البيت دا وصل وين؟).. فأجابه : ( والله بيتك ماشي كويس، يعني زي مترين كده ونصل بيم العرش إن شاء الله)، وما كان منه إلا أن يباغته : ( خلاص عرًش على كده)..!!

:: ويبدو أن مفوضية الإنتخابات، مساء اليوم، لم تعد تملك من الحلول لصناديق الإقتراع غير أنها ( تعرًش على كده)..نعم، فالقانون – وربما صاغوه لمثل هذا اليوم المضاف إليه بالمده الظاهرة في آخرها – لم يُلزم المفوضية والحكومة والأحزاب بنصاب بحيث يكون هذا النصاب ( بيم العرش)، بل ترك الأمر بلا نصاب أو يحزنون، وفعلوا ذلك ربما تحسباً لمثال (هذا الحال )..وكما قال الفريق الهادي محمد أحمد، نائب رئيس المفوضية، فالمفوضية غير مسؤولة عن ( حجم الإقبال)، كثيفاً كان أو هزيلاً..!!

:: ومع ذلك، أي رغم حجم الإقبال دون مستوى الدورة الإنتخابية الفائتة بكثير، فالمفوضية أيضاً – بعدم جاهزيتها – ساهمت في مدة فترة الإقتراع إلى يومنا هذا..والغريب في الأمر أن البروف مختار الأصم، رئيس المفوضية، كان أكثر أهل السودان إلحاحاً بأن تُجرى الإنتخابات في هذا الموعد، ومع ذلك كشفت ولاية الجزيرة ومناطق أخرى عدم جاهزية ( مفوضيته).. بولاية الجزيرة التي تبعد عن مقر المفوضية (فركة كعب)، لم تصل بطاقات الإقتراع إلى مراكز الإقتراع – مكتملة – في موعد الإقتراع..ومع ذلك، لم يحاسبوا أحداً إلى يومنا هذا، وبالتأكيد ( لن يحاسبوه)..!!

:: وهكذا الحال بولاية سنار أيضاً، إذ بدأت عمليات الإقتراع في بعض مراكزها قبيل المغرب بثلاث ساعات، لأن بطاقات الإقتراع لم تصل إلى تلك المراكز في موعدها.. لم تصل في الموعد، ليس من جنوب إفريقيا بل من الخرطوم ..وعليه، إن كان هذا حال المفوضية بمراكز ولايتي الجزيرة و سنار، فالله يعلم ما حدث بمراكز الولايات المسماة بالطرفية والبعيدة عن ( عيون الصحافة)، ولاندري لماذا كان البروف الأصم يلح – إلحاحاً – على هذا الموعد وهو الذي لم يُكمل عبر المفوضية حتى مجرد توزيع بطاقات الإقتراع للناخبين في مراكزهم؟..هو أحد المسؤولين عما يحدث ..!!

:: ثم السجل الإنتخابي المعد منذ إنتخابات ما بعد نيفاشا، والمضاف إليه قبل أشهر أيضاً، لا يزال من أبرز ثغرات ( المفوضية).. سقطت أسماء من هذا السجل، بمن فيهم بعض المرشحين، فمن المسؤول غير إدارة عاجزة عن إلإستفادة من تكنلوجيا الحوسبة؟.. فالعالم من حولنا، تجاوز الدفاتر والأوراق – و إسمي سقط – بالسجلات الإلكترونية، وأن يقصد المواطن مركز الاقتراع ويهدر الزمن في البحث عن اسمه و رقمه الانتخابي صار من مخلفات القرن الماضي بفضل ( السجل الإلكتروني).. لاينقصكم المال، ولكن الإرادة والخيال..ولذلك، لن يبارح الحال العام محطة : ( ياخ عرًش على كده)..!!