رصاص الحرب وسكاكين البيوت
دائرة نقاش لا تكاد تبتعد عنها أية مقالات أو كتابات وطنية ناضجة في صحافة بلادنا، في هذا الزمن، تلك هي دائرة الحرب والرصاص..
وطالما أن الحرب والرصاص والقتل هي اللغة المعتمدة في جبهات التمرد فلن نستغرب لغة العنف الطلابي والعصي والسيخ داخل أسوار الجامعات..
وطالما أن الحرب مستمرة في جبهات القتال فلن نتوقع أن تكون هناك حالة حوار محترم أو اختلاف هادئ بين أي اثنين يختلفان في وجهات النظر مهما كانت العلاقة بينهما..
وطالما أن الرصاص هو سقف العلاقة بين فرقاء السياسة فلن نستغرب انتشار لغة السكاكين في الخلافات الأسرية أو ما بين الزوج وزوجته..
وطالما أن البنادق معبأة والمعارك مستمرة في جبهات التمرد فعلينا أن نستوعب انعكاس ذلك بالضرورة على كل سلوكيات المجتمع.. فكثير من رجال الشرطة لا يصبرون على اقتياد المتهم الذي يقع في قبضتهم إلى ساحة القضاء قبل أن ينفذوا العقوبة التي يقررونها حسب المزاج ينفذها الشرطي قبل تدوين البلاغ ضده.. ثم من بعد ذلك ليحكم القاضي بما يحكم.
العنف العام وضيق الصدر وعدم القدرة على تحمل أي شيء أو ضبط النفس في المواقف المختلفة هو انعكاس مباشر لحالة الحرب في بلادنا والتي خربت مزاج المجتمع ومزقت أستار العلاقات بين أفراده، غيرت الكثير جداً في شخصيتنا الاجتماعية وانعكست بالتالي على سلوكيات المجتمع.. فلم تعد هناك جريمة صادمة أو غريبة أو غير متوقعة..
كل الاحتمالات متوقعة وكل الحوادث عادية وكل الجرائم مهضومة أي يمكن تقبلها واستيعابها.. زوج ذبح زوجته وزوجة تمثل بجسد زوجها بعد قتله وطالب يقتل عشيقته وعاشق لزوجة أبيه وقاتل أمه وقاتلة ابنها..
عبارة (جريمة بشعة) نفسها سيأتي وقت لن تكون فيه تلك العبارة قادرة على تحريك مشاعرنا أو لفت انتباهنا كثيرا.. لأن البشاعة ستكون شيئا ًعادياً والسقف أعلى من كل المفاجآت والجلد (أتخن) من كل الصدمات..
هل عرفتم لماذا نكره الحرب ونكره (أبو يومها) ونرفض حتى الاستماع إلى أولئك الذين يرفعون السلاح؟.. لأنهم يقتلوننا ألف مرة قبل أن نموت..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.