الأحاجي السودانية.. الغرق في بحار العولمة
حجيتكم ما بجيتكم
خيرا جانا وجاكم
أكل عشاكم
وجرى خلاكم
الجدات في زمان مضى كن يسلين الأطفال بعد المساء بحكايات ومسائل من الأنس يقال لها الحُجا بضم الحاء المهملة، وأصل ذلك من الحجا بكسرها وهو العقل والذكاء، وكان الهدف من هذه الحكايات شحذ الأذهان وإدخال السرور على نفوس الصغار ريثما يغلب عليهم النعاس. ولكن الخطر الداهم الذي يهدد أو بالأحرى هدد الأحاجي السودانية؛ هو انشغال الناس بالتكنولوجيا الحديثة التي غزت المجتمع وأبعدت الناس عن كثير من موروثاتهم الاجتماعية .
توارت واندثرت
يقول ناصر حامد لـ”التغيير” في بداية حديثه: إن الأحجية السودانية كانت لها مكانة بارزة جداً في المجتمع، وهي تعد أحد أهم الموروثات الوطنية، ولكن الآن مع دخول التكنولوجيا اندثرت وتوارت خلف ستار الفيس بوك والواتساب وغيرها وحتى الأطفال أصبحوا مشغولين بهذه الوسائل والحصيلة الثقافية صفراً كبيرا، وبعض أبناء هذا الجيل لا يعرفون ما هي الأحجية، ولكن اسألهم عن توم وجيري واسبونج بوب وغيرها من الثقافات الغربية، ستجدهم حافظين صم، فهذه نذير شؤم ويجب أن لا يغفل الآباء من توريث أبنائهم موروثاتنا الجميلة السمحة .
غابت حبوبة زمان
ويضيف منذر حمدي، طالب ثانوي، قائلا: الزمن اتغير وحتى حبوبات اليوم أصبحن مشغولات بالواتساب والتكنولوجيا وغابت حبوبة زمان من ساحة الأسرة، وطبعاً الأمهات خاصة أمهات الزمن ده أنفسهن لا يملكن ذخيرة حكايات ولا لديهن ملكة وروح الحكي، فلذلك نحن جيل ضائع في المنتصف .
تاريخها
ثقافة الأحاجي هي ثقافة قديمة جداً، عرفها السودانيون منذ قديم الزمان وخلف لنا الأديب السوداني الفذ عبد الله الطيب، طيب الله ثراه، الذي ولع بالأحاجي السودانية ولعاً شديدا، فقام بجمعها من أفواه الحبوبات لأن الحجوة السودانية هي الموروث الثقافي الذي يمثل بيئته، فألف كتابه “الأحاجي السودانية” الذي ظل خالداً في أذهان السودانيين وغيرهم .
عموماً تظل الثقافة السودانية غنية بموروثاتها ويظل كل فرد في رقعة هذا الوطن يستذكر الأحاجي التي كانت ترويها الحبوبات، ويتذكر كيف كان لا ينام، وأن يسمع فاطنة السمحة أو حسن الشاطر والغول وغيرها، ونتمنى أن تعي الأجيال القادمة عظم هذه الموروثات الاجتماعية والمحافظة عليها .
الخرطوم: أمنيات محمد علي
صحيفة التغيير