الطيب مصطفى

(وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)

أعجب والله من جرأة طغاة مصر على الله، وأعجب أكثر من حلم الله المنتقم الجبار وإمهاله لهم رغم تمردهم ورفضهم لأن يرعووا عن ضلالهم وغيهم.

أعجب كذلك أن يتجرأ ذلك القاضي ويخرج من خلال أوداجه المنتفخة بمال الظلم والسحت حكماً قضائياً بسجن الرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي عشرين عاماً في قضية كان ينبغي أن تنظر ضد خصمه الخائن للعهد المنقلب على الدستور المتنكِّر لمن وثق به وعيَّنه وزيراً لدفاعه، فإذا به يتآمر ويأتي بما تتحرج بعض الحيوانات عن إتيانه من غدر وخسة.

أعجب أن يُبرأ الرئيس الأسبق حسني مبارك بعد فترة من حبس صوري في سجون فندقية فاخرة ويُطلق سراح وزير داخليته ويُبرأ وهو القاتل الباطش الذي روَّع الثوار وأراق من دمائهم وأذل الشعب المصري وارتكب من الموبقات ما يندى له الجبين.

أعجب أن يحكم قضاة مصر بالإعدام على التقي النقي المرشد العام للإخوان المسلمين د. محمد بديع.. يحكمون عليه بأنه حرَّض على القتل رغم أنه زأر من داخل ميدان (رابعة): (ثورتنا سلمية وستظل سلمية.. سلميتنا أقوى من الرصاص)، ووثقت ذلك فضائيات الدنيا.

هنيئاً لك أيها الرجل.. أن ترزح في سجون الطغاة من لدن عبد الناصر، السادات، مبارك وتختمها بحكم الإعدام في سبيل الله في سجون السيسي.. هنيئاً لك وأنت تستقبل حكم الإعدام بالعبارة التالية (لو أعدموني ألف مرة والله لا أنكص عن الحق، إننا لم نكن نهذي حين قلنا إن الموت في سبيل الله أسمى أمانينا)..

أي بشر هؤلاء الذين أنجبتهم حركة إخوان مصر وهم يضربون المثل في التضحية والفداء والبذل في سبيل مبادئهم ابتغاء رضوان الله ورفع اسمه ونهجه في الخافقين.

أولئك الشباب الذين لا يزالون يملأون شوارع مصر ليل نهار متحدين بطش آلة القهر رغم علمهم أنهم يواجهون وحوشاً بشرية تقتات على الدماء والأشلاء.. أعجب والله من أولئك الرجال والنساء الذين يعز وجود أمثالهم في التاريخ.. لا يقهرهم البطش أو يخيفهم التنكيل رغم علمهم أن سجون الطاغية تضم عشرات الآلاف من أمثالهم.

ورغم ذلك يخرج علينا رويبضة يكتب في أخيرة (آخر لحظة) كل حين مهاجماً إخوان مصر رغم أن عمره تجاوز السبعين أو كاد.. عاصرني هذا المسكين في أبو ظبي في أواخر سبعينات القرن الماضي إذ كان صحافياً في الصحيفة العربية التي تجاور الصحيفة الإنجليزية التي عملت فيها محرراً مترجماً وطلب إليّ يوماً كتاباً في التفسير.. فرحت فرحاً عظيماً وظننتُ أنه تاب من شيوعيته وماركسيته الملحدة وأعطيته أحد مجلدات تفسير (في ظلال القرآن) لصاحبه الشهيد سيد قطب رائد الصحوة الإسلامية ومفجرها.. ظننتُ أن كلمات سيد قطب التي تهز الجبال ستؤثر في الرجل وتخرج الشيطان الذي زرعه ماركس في رأسه الخاوي.. مضت أيام فإذا بالرجل يرجع إليّ الكتاب ليقول إن الكتاب لم يعجبه ويريد آخر.. للأسف لا يزال الشيطان المزروع في دماغ الرجل يؤزه أزاً ويدفعه دفعاً ليصر على ضلاله القديم فرحاً بطغاة مصر وبالانقلاب على الشرعية التي جاءت عبر انتخابات شهد عليها العالم أجمع، رغم تشدقه بخيار الديمقراطية.. إنه الحقد على دعاة الإسلام من إخوان حسن البنا وسيد قطب الذين لا يزال يجتر أحاديث الأفك حولهم رغم جهله الفاضح بما يدعون إليه.

أسأل الله أن يهدينا وإياه، أما بديع وصحبه فإن الله منجز وعده لهم إن شاء (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ).. (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).

صدق الله العظيم

مبادرة السائحون والشهيد الحي شهاب برج

الآن وقد تجددت مبادرة السائحون لإطلاق سراح أسرى الحركة الشعبية يتجدد الأمل في إطلاق سراح شهاب برج ومجموعة أخرى من المجاهدين الذين اعتقلوا عقب احتلال المتمردين لمنطقة أب كرشولا.

عقب تحرير أب كرشولا طاف عدد من المجاهدين بقيادة اليسع صديق التاج معتمد أم درمان الحالي على المنطقة وتعرفوا على جثامين عدد من الشهداء وقاموا بدفنهم وظن اليسع وصحبه أن شهاب الذي خلطوا بينه وبين أحد الشهداء من حيث الملامح.. ظنوا أن شهاباً استشهد وأقيم عرس شهيد له بمنزل الأسرة وإذا بالأيام تكشف أن شهاب حي يرزق وقد تواصل بعد ذلك مع أسرته عبر الهاتف.

شهاب برج من ضمن قائمة (السائحون) التي تم الاتفاق على إطلاق سراح أعضائها وهو الابن الأكبر لوالديه وقد تخرج في جامعة الخرطوم بتقدير جيد جداً.

نتمنى أن تنجح المبادرة حتى تفرح أسرة شهاب وبقية الأسر بعودتهم حتى يسهموا في بناء هذا الوطن الذي فدوه بدمائهم ومجاهداتهم.