ثورة الشباب هل تتحقق؟!!
في تقديري إن الساحة السياسية ستشهد تحولاً كبيراً خلال الفترة القادمة ببروز قوى سياسية جديدة من الشباب في شكل تنظيمات حزبية وقوى ضغط تقود العمل السياسي في البلاد برؤية جديدة إيجابية تعمل على تغيير الواقع الحالي، وتشكل صمام أمان يتصدى لكل أشكال الفساد التي شهدتها البلاد خلال العقود الماضية.. على اعتبار أن البلاد كانت تسير دون (فيوز) تضرب أسلاكه عند اللزوم لتوقف الفساد قبل سريانه في دم الدولة!
فالشعب السوداني بكل كياناته الناشطة والخاملة شارك في (مذبحة) البلاد.. لماذا كان الصبر على الفساد والطغيان ابتدأ من العام الأول للحكومة وحتى خمسة وعشرين عاماً، لماذا لم يخرج الشعب إلى الشارع منذ أول يوم اغتُصب فيه دستور البلاد.. ولماذا لم يخرج حينما وُجهت البنادق تجاه الشعب. ولماذا صبر على انتزاع كرامته ووطاها بالأقدام؟
القوى السياسية ومعظمها فاسد.. ظلوا طيلة السنوات الماضية يطاردون المصالح الخاصة غير آبهين إلى جسد الوطن الملقي تحت أقدامهم وهم جيئة وذهاباً في طرق التفاوض من أجل المصالح.. ولكن ما بال بقية تكوينات الشعب الأخرى.. أين كان بقية الشعب.. لماذا ظلوا ينحنون وينحنون حتى (بركوا) في الأرض.. أين أحفاد المهدي وعثمان دقنة والأزهري والهندي وحفيدات مهيرة بت عبود وكل الأبطال الذين استرخصوا دمائهم في سبيل الحفاظ على الوطن وصون كرامته وكرامة شعبه.. أين ورثة طلاب جامعة الخرطوم رمز النضال وضريح الوطنية.. أين الشعب السوداني الذي يمتلئ عزة وكرامة وشجاعة؟
بعد كل تلك المخازي (ونوم أهل الكهف) إني أرى بصيص أمل في آخر النفق المظلم.. حالة وعي بدأت تنتظم الشارع العام.. وتحديداً وسط الشباب هذه الفئة التي انكوت بنيران الواقع المحبط للبلاد منذ ولادتها.. فقد أُجهضت أحلامهم في مهدها وشردوا وكسرت شوكتهم وتم استغلالهم أبشع استغلال فبرزت وسط زهور الشباب فئة (مصاصو دماء) مهجّنة.. ولكنها تظل القلة (الباغية) وأثبتت الأيام الماضية أن شباب البلاد أساسهم كان متيناً، وأن جينات السلف الصالح من أبناء الشعب السوداني قوية بما يكفي داخل أجساد الأجيال الحالية.. حراك في كل الاتجاهات يقوده شباب وشابات يمتلئون بالحماس والوطنية.. شهدناهم عند الحارة يقودون ركب فضل الزاد وفضل الظهر وغيرها من الفضائل.. واليوم يقودون الحراك السياسي بفنون وأشكال متعددة تنمو بسرعة في تقدم كبير.. مستقبل البلاد السياسي في أيدي هؤلاء الشباب أن هموا ارتفعوا بطموحهم ومسؤولياتهم الوطنية إلى مستويات القيادة.. ليست الانتخابات هي آخر المطاف بل في تقديري من هنا بداية التغيير الحقيقي الذي يقوده الشعب وليس الحكومة والقوى السياسية التاريخية.. هؤلاء وعلى حد تعبير أستاذتنا أمال عباس (عاسوا عواستهم).. والآن جيل جديد ننتظره ينظم صفوفه.. قوى ضغط لا تسمح بتكرار الماضي مهما كانت قوة السياط التي يحملها الأسياد.. معسكرات وعي على مدار العام نرجو أن ينظمها الشباب في كل بيت وحي ومدرسة ونادي وقرية ومدينة نريد شعباً يمتلك قراره.