ضياء الدين بلال

اعتراض لطيف!


-1-
تلقيت اتصالاً هاتفياً أمس من صديق يسألني، هل قرأت تحليل الأستاذ محمد لطيف، الذي جاء تحت عنوان (الخارجية حوار فوق العادة مع ضياء).
قلت لصديقي: لم أطَّلع على الصحف بعد، فلا أزال في المنزل.. شعرت من مكالمة الصديق وملاحظاته المقتضبة أن أمراً سيئاً قد لحق بي من قلم الصديق الأكبر محمد لطيف!
عندما اطَّلعت على تحليل لطيف نهار الأمس، لم أشعر بما أوحى لي به صوت وإشارات صديقي صاحب المُهاتفة الصباحية.
صديقنا لطيف، هاجم الخارجية ولاطفني بعبارات إشادة كانت كافية بأن تُلزمني مقام الحياد.
مع ذلك، فليسمح لي صديقنا لطيف من مقام الحياد الذي وضعني فيه، بمداخلة لا أقول تصحيحيَّة ولكنها توضيحيَّة، لعلها تضيء له بعض جوانب الصورة، وهو ينظر إليها من على البعد من دوحة العرب، وربما من سوق واقف!
-2-
كتب الأستاذ محمد لطيف الآتي:
(قدم الأخ الأستاذ ضياء الدين بلال، رئيس تحرير (السوداني) لحواره مع السفير عبد الله الأزرق بعبارة لافتة.. وهي أن السفيرة سناء حمد العوض وكيل الخارجية بالإنابة، أخطرته أن وزير الخارجية علي كرتي الموجود خارج السودان وجَّهها بترتيب لقاء له مع رئيس لجنة الترقيات السفير عبد الله الأزرق).

لم ينهِ لطيف مداخلته على ذلك، بل أضاف إشارة لافتةً حينما أكمل فكرته قائلاً:
(لا صلة دم بين عبد الله وسناء.. ولأن ضياء حريص على الدقة.. فقد لفت نظري لأنه لم يشر إلى طلب منه أو صحيفته لإجراء تلك المقابلة.. وهذا ما يلفت النظر في المقدمة.. وإن بدا تصرف ضياء طبيعياً وهو أن يقبل الدعوة ويرحِّب بها.. فيُحمد له أنه لم يجعل الحوار نزهة علاقات عامة.. كما تخيل الوزير ربما، أما لماذا؟ فلأنه كان جليَّاً أن الوزير سعى لتمكين رئيس لجنة الترقيات من الرد على ما أثير حول تلك الترقيات).
-3-
كل ما سبق كان مقدمة من الأستاذ محمد لطيف لتسجيل نقطة اعتراضه المركزية، وهي أن الصحيفة التي يكتب في أخيرتها الزميلة الغراء (اليوم التالي) هي التي فتحت ملف الترقيات في الخارجية، فكان الأوْلى للوزارة بحكم الأعراف والتقاليد، أن تجري المقابلة معها لا مع (السوداني)!
قبل التعليق، لا بدَّ من الإشادة بولاء الأستاذ محمد لطيف للصحيفة التي يكتب فيها بصورة راتبة، وإبدائه حرصاً مقدراً على أن تنال ما يراه حقاً لها في إجراء المقابلة.
-4-
الراجح لديّ أن لطيف بحكم وجوده خارج السودان، لم يطَّلع على العمود الذي كتبته عن موضوع الترقيات، ونُشِرَ في ذات يوم إجراء المقابلة، وكان تحت عنوان (قَسَم كرتي).
أُخبرت في مباني الخارجية، بأن حرص الوزارة على إجراء مقابلة موسعة توفر من خلالها إجابات على القضية المطروحة للرأي العام؛ جاء بعد إطلاعهم على العمود.
كنت قبل التحقيق المتميز لصحيفة (اليوم التالي)، قد تلقيت اتصالات عدّة ورسائل من دبلوماسيين، عرضوا عليّ ما رأوا فيه ظلماً حاق بهم جراء الترقيات الأخيرة، وقمتُ بتحويل المعلومات للمحرِّرة الدبلوماسية بـ(السوداني) لإكمال الصورة بعرض كل وجهات النظر بصورة متوازنة.
كانت (اليوم التالي) سباقة في النشر عبر تحقيق متميز أشدت به حينها في العمود.
-5-
ملخص وجهة نظري -التي تخالف صديقنا محمد لطيف وتحفظ وده- أن إجراء المقابلة أمر طبيعي لقضية خرجت للفضاء العام بعد أن ظلت لفترة متحركة في المجال الإسفيري.
واختيار (السوداني) عبر شخصي لإجراء المقابلة لا يُنقص شيئاً من مجهود (اليوم التالي)، فكلا الصحيفتين تناولتا ذات الموضوع خلال 48 ساعة.
المقابلة لم تكن مقتصرة على التصويب أو التوضيح لما نُشِرَ في التحقيق، وإلا لكان البيان الصحفي يكفي، ولكنها مقابلة استقصائية تبحث عن مصدر الأزمة لا ظواهرها.
بل في رأيي، كان الأولى للأستاذ محمد لطيف أن يشكر وزارة الخارجية ممثلة في الوزير علي كرتي والوكيل بالإنابة والوكيل السابق على تجاوبهم مع ما يطرح في الإعلام عبر أعمدة الرأي والتحقيقات ومسارعتهم بصورة حضارية لعرض وجهة نظرهم في الموضوع.
لو أنهم كانوا يريدونها مخارجة تجميلية على سلالم ناعمة، لما اختاروا إجراء مقابلة مفتوحة بلا محاذير أو تحفظات، ولما كان شخصي الضعيف خيارهم المفضل!