الطاهر ساتي

حيونة السياسة


:: فكر أحدهم في قتل فئران مخبوءة في مستودع غاز، ولم يجد من وسائل القتل غير إشعال النار في المستودع..وآخر، فكر في الإنتقام من زوجته التي أغضبته في أمر ولم يجد من وسائل الإنتقام غير أن (يخصى نفسه)..وثالث، طنين البعوض أرق مضجعه ولم يجد من وسائل إسكات الطنين غير إطلاق النار على أُذنه ..وهكذا .. لايبلغُ الأعداءُ من أحمقٍ ما يبلغ الأحمقُ من نفسه.. أي كثيرة هي وسائل التعبير المشروعة عن الغضب والفرح، ولكن البعض لا يختار من تلك الوسائل غير ( الحماقة)..ثم يُفسد حياته وحياة الآخرين ..!!

:: والبروفسير الأمين دفع الله، عضو المكتب القيادي بالحزب الحاكم، درس بحنتوب الثانوية في الزمن الجميل ثم تخرج في كلية البيطرة بجامعة الخرطوم في عهدها الذهبي، ثم نال الدكتوراة في دبلن، ومع ذلك تبدو عليه – في عالم السياسة والعمل العام – ملامح حكمتنا الشعبية : (القلم ما بزيل بلم)..إستضافه الأخ الطاهر حسن التوم مع آخرين في برنامجه المميًز (حتى تكتمل الصورة)، ليناقش ظاهرة المستقلين الفائزين في الإنتخابات الأخيرة وما يُرجى منهم من أدوار تحدث تحولاً إيجابياً تحت قبة البرلمان، ولكن – للأسف – البروف دفع الله لم يمثل حزبه في النقاش كما يجب، بل ..(مثل به)..!!

:: نعم، رغم الخبرة التراكمية التي تبلغ ثلاث دورات برلمانية قضاها البروف دفع الله تحت قبة البرلمان ( 15 سنة)، لم يستوعب محاور النقاش ولم يطق – بأسئلة الأخ الطاهر التوم وأحاديث المستقلين أبو القاسم برطم ومبارك عباس – صبراً لحد العض على بنان الندم بقول صريح : ( والله لو عارف الحلقة دي عن المستقلين ما كنت جيتها)..ثم أردف بمنتهى الإساءة : ( نحن عدلنا القانون عشان الإنتخابات تجيب أمثالكم)، وتأدباً لم يسألوه : من أنتم؟، وهل الديمقراطية و إنتخاباتها مكرمة؟.. لقد أفصح البروف دفع الله بوضوح عن نهج سياسي لا يحتمل آراء المستقلين ويحترمها في (أستوديو فضائية)، ليبقى السؤأل : فكيف سيحتملها و يحترمها في (برلمان دولة).؟.. البروف دفع الله، وأمثاله كثر، هم من يعيقون كل مساعي التغيير الإيجابي الذي يحفظ للبلاد إستقرارها ويحقق لها السلام وللمواطن الأمان والرفاهية ..!!

:: وكان مدهشاً عندما إعترض على قومية الرئيس البشير قائلاً ( ياخ البشير رئيس المؤتمر الوطني، وده مفروغ منو)، وذلك حين أكد مبارك عباس بأنه لن يعمل خارج إطار الدولة، وأن هناك أشياء كثيرة تجمعهم بمختلف الوانهم السياسية والمستقلة ومنها خدمة المواطن تحت (مظلة الدولة ورئيسها)، فتأمولوا .. إتفقوا معه حول ما يمكن الإتفاق عليه، ولكن البروف دفع الله يأبى إلا أن يحتكر كل الأشياء بما فيها أجهزة الدولة المنوط بها الحياد ومساواة الناس في الحقوق والواجبات بعد غض الطرف عن أفكارهم وأرائهم ..!!

:: ( زول غريب)، لم يفت عليه أن يمتن على مبارك عباس – وأهل دائرته- بالنص القائل بلا حياء : ( العمل ليكم ظلط أبوحمد منو؟).. أمثال هذا البروف هم من يصلون الوطن و المواطن والوطني وكل الأحزاب (سعيراً)..نعم، فالكل – حكومة ومعارضة – يسعى إلى ترويض السياسة بحيث يستوعب مضمارها الرأي والرأي الآخر بلا قتال، ولكن خريج البيطرة هذا – بالنهج الإقصائي – يسعى إلى ( حيونة السياسة)..!!