وزارة الاستدعاءات
وأنت تخترق ببصيرتك النافذة غبارها الذي يُغطي الصحف هذه الأيام، تبدو لك وزارة الخارجية من بين الذرات الدقيقة لـ (الدوامة) المُثارة، وكأنها امرأة عجوز تقع على قارعة الطريق تستنجد بالعابرين أن (يدكم معانا)، فمن حيث أراد أحد وكلائها (عبد الأزرق) أن ينفي عنها مفارقتها صراط التقاليد الصارمة في الترقيات أصابها في (مقتل)، إذ كشف عن (فساد مبين) حلّ برهط من منسوبي الخارجية وسكن أحشاءهم، فبعض القوم تجار، وبعضهم يفتقرون إلى المؤهل والكفاءة وآخرون من دونهم – لا نعلمهم – لكنّا سنعلمهم قريباً – إن شاء الله – طالما لا يزال في الوزارة السيادية من يكسدون لبعضهم بعضا. محزن أن تعلم قيادة الخارجية أن بين منسوبيها تُجاراً، وسارقي بحوث أكاديمية، وبينهم من تم تسكينه في وظيفته عن طريق (المحسوبية). لذلك كله وربما – لأكثر منه – مما ستبديه لنا الأيام القادمة، تقهقر أداء الخارجية وتراجع، وحلت بها لعنة (الوساوس والقيل والقال)، واحتشدت بـ (الشعراء والأشعار) يشببون ويتغزلون في نظيراتهن من الدبلوماسيات، وما (الناها مِنت مكناس) وزيرة خارجية بلاد شنقيط ببعيدة عن الأذهان التي لم يفتأ وكيل الخارجية بالإنابة (الأزرق الخنذيذ) يذكرها حتى ظن السفير فضل الله الهادي أن جميع الناس أسراها. تصوروا – حينها – رمت الخارجية السودانية بفلذات أشعارها وأرسلت قرائحها كلها إلى (نواكشوط) حتى ظن صاغ وصاغ كلُّ أديبٍ في هوى (الناها) دُرراً تُسبي العقولَ، فما العقّادُ أو طه؟! دعونا من هوامش الخارجية التي سخرتها للتشبيب والغزل، وتعالوا إلى متنها، حيث أصول العمل الدبلوماسي، لنرى ماذا تفعل؟ مهما حاولنا أن نرى لن نجد غير (الاستدعاءات والاحتجاجات)، تستدعي السفير الكندي، وسفير (واق واق)، لتحتج وتندد وتستنكر. للأسف دائماً خارجيتنا منخرطة في الاستدعاءات، وبالتالي في حالة رد فعل، تنتظر الفعل (لترد عليه) بهذه التي الطريقة التي وسمت عملها وأصبحت علامة مميزة لها، إنها وزارة للاستدعاءات (والحمد لله رب العالمين).