الحشاش يملأ شبكتو..!
أسفت للأحداث التي جرت بجامعة بخت الرضا وحرق الطلاب لمكتبة الجامعة ومكاتب الامتحانات والأساتذة.. وفي تقديري هؤلاء ليس بطلاب.. والمستقبل الذي ننتظره من هؤلاء يبدو خطيراً يترعرع بدماء عدم المسؤولية والتمرد والعصيان.. فالطالب الذي يحرق منهل العلم ويدمر مواقع تقديمه وتلقيه مهما كانت الأسباب.. لا يستحق الجلوس في صفوف الطلاب ولا يجدر بالحكومة أن تقتطع من قوت الشعب لتضييعه في تقديم علم لن ينتقع به هؤلاء ولن يستطيعوا أن يقدموا به شيئاً لوطنهم ولا لأسرهم ولا لأنفسهم.. من لا يحترم حرم العلم ويقدر قيمة ما يتعلمه لا يستحق احترام المجتمع.!
ولكن من هؤلاء. ومن أين أتوا. وهل تاريخ الحركة الطلابية في السودان منذ فترة ما قبل الاستقلال وحتى عهد قريب يحمل مثل هذا السلوك المشين..؟؟
في العام الماضي قام أحد الطلاب الذين ينتمون للحزب الحاكم وهو من طلاب كلية اليرموك العراقية بشارع الستين بتجميع عشرين فرداً من الفاقد التربوي الذين قاموا بالهجوم بالأسلحة النارية والبيضاء والملتوف على مباني الكلية وتم تدميرها بالكامل وتم التعدي على وكيل الكلية وحبسه في مكتبه وسط النيران.. وفي كل الأعوام السابقة تنازلياً حتى التسعينات تكررت مثل هذه الأحداث المؤسفة في عدد من الجامعات والقاسم المشترك بينها كان طلاب الحزب الحاكم واستخدام الأسلحة النارية والبيضاء والتعدي على ممتلكات الجامعة وعلى الأساتذة وأن اختلفت الأسباب.. في حادثة الجامعة الأهلية الشهيرة التي حدثت في العام 2007 والتي لولاء عناية الخالق لكانت ساحة معركة.. دهشت ومدير الجامعة حينها يسرد لنا كيف أن طلاب الحزب الحاكم ومنذ فترة يستعدون للمعركة بجلب السلاح وتخزينه في كفتريا الجامعة أو مبنى يجاورها لا أذكر.. المهم المدير ذكر أنه ذهب إلى القيادي بالمؤتمر الوطني إبراهيم أحمد عمر وكان حينها رئيس المجلس الوطني وقال له: طلابكم يخزنون الأسلحة في الجامعة استعداداً لمعركة أخشى نتائجها وحضرت اليك لتعالج الأمر قبل وقوع المحظور.. إجابة (الحشاش يملأ شبكتو). وخرج مدير الجامعة من هناك وهو يضع يديه على رأسه وانفجر الموقف.. وحرقت ممتلكات الجامعة وضرب الأساتذة ونجوا من الاغتيال برعاية الخالق.. ومرت الحادثة كان شيئاً لم يكن وتنامى بعدها طغيان طلاب الحزب الحاكم في كل الجامعات.. وربما هذه البطولات المشينة قد أعجبت غيرهم من الطلاب (المراهقين) الذين وجدوا رجولتهم في هذا التدمير وهذه الفرعنة.. النتيجة فساد المجتمع الطلابي وسقوط قداسة العلم ومحرابه تحت أرجلهم.. والآن يحصد الحزب الحاكم ثمار ما زرع.. ربما ملأوا شباكهم كما كان يبتغي إبراهيم أحمد عمر ولكنه بئس الحصاد (المدخن) بحريق كتب العلم ومخضب بدماء أساتذة العلم وخيرة الطلاب.. الخاسر الوحيد هو الوطن الذي يرتبط مستقبله بهذه الأجيال التي تم تهجينها فخرجت مسخاً يخصم من الرصيد الإيجابي لأبنائه الشرفاء في وقت نحن أشد الحاجة فيه للكثرة الخيرة الممتلئة وطنية وعزة وكرامة وشرف.