مصطفى أبو العزائم

تغييرات القيادة في السعودية


في منتصف يونيو عام 1982م تناقلت وكالات الأنباء وفاة الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود-رحمه الله- وكنت وقتها محرراً بصحيفة (الأيام) الغراء وتم تكليفي بتغطية مراسم العزاء في مقر سفارة المملكة العربية السعودية الشقيقة بالخرطوم والتقيت هناك بالقائم بالاعمال السعودي وسألته عما يمكن ان يحدث بعد ان غاب الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود عن المشهد العام بعد أن كان ملء السمع والبصر..(!).
إجابة الرجل كانت جاهزة كأنما كان ينتظر مني أو من غيري مثل هذا السؤال.. قال لي ان الموت حق وهو سبيل الأولين والآخرين وان نظام الحكم في المملكة العربية السعودية مؤسس على قيم وأعراف راسخة وثابتة لا تتأثر بغياب شخص لان مؤسسة الحكم تقوم على نظام يضمن الحفاظ على مكانة المملكة بين الأمم ويضمن ثقلها النوعي المحمي بحكمة حكامها.
بعد ذلك جاء ملوك وغاب آخرون من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله – وكان نظام الحكم يزداد رسوخاً وثباتاً وتشهد المملكة العربية السعودية تطوراً متصلاً في كل المجالات وكان جل اهتمام ملوك السعودية ينصب على توسعة الحرمين الشريفين خدمة للأمة الاسلامية جمعاء وينصب على توفير الخدمات لكل أبناء الشعب السعودي والمقيمين على الأراضي السعودية والسعي لتطوير سبل ووسائل العيش والدخول بالمملكة العربية السعودية الى المستقبل من خلال أبواب القيم والدين والعلوم والمعارف.
ما حدث بالأمس في المملكة العربية السعودية هو شأن داخلي مافي ذلك شك لكنه يهمنا ويهم كل مسلم حادب على أمن وسلامة العقيدة الدينية ويهمنا أيضاً لأن ما حدث حدث في أرض الحرمين وفي السعودية التي لكل منا رابط بها ووشائج لا تنقطع ولا تضعف.
الأوامر الملكية السامية التي جاءت بصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود ولياً للعهد وبصاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولياً لولي العهد هو في رأينا جزء من عملية التغيير الهادئ في مؤسسة الحكم بالمملكة العربية السعودية وجزء من عملية التحديث المستمر في الدولة.
تغيير هادئ لأنه جاء بعد ان طلب صاحب السمو الملكي مقرن بن عبد العزيز آل سعود إعفاءه من ولاية العهد وبعد ان طلب أمير الدبلوماسية الأشهر صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل آل سعود إعفاءه من منصبه كوزير للخارجية بعد ان ظل يمارس مهامه ويعكس وجه المملكة المشرق وسياساتها الحكيمة لأربعة عقود من الزمان.
وتحديث في الدولة لأن الراية الآن أصبحت في يد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يعاونه أبناء الجيل الثالث من آل عبد العزيز آل سعود جيل شاب منفتح ومتعلم, خبر الحياة واختبرها، ارتبط بالمقدسات والأرض وظل جزءاً من المكونات الثابتة للمملكة العربية السعودية الشقيقة حفظها الله وحفظ قادتها وشعبها الكريم.
تذكرت بالأمس حديث القائم بالاعمال السعودي في العام 1982م يوم أمس عندما سألني أحد الزملاء ان كنت أتوقع تغييراً كبيراً في سياسات المملكة العربية السعودية الشقيقة.. تذكرت حديثه آنذاك وقلت لمن سألني ان ثوابت المملكة لا ولن تتغير لأنها واضحة وتتلخص في حماية العقيدة وتنقيتها من الشوائب وحماية الأراضي المقدسة والعمل على رفعة الدين ومساندة المسلمين في كل مكان.