حوار الفرقاء أم الحلفاء
سموه بأي مسمى آخر، لو انتصرت إرادة الاستعجال في ملف الحوار، فالمنطق والواقع يقول إنه لن يسمى حواراً إلا لو جمع على طاولته فرقاء ومختلفين في الرأي والموقف.
الحوار ليس مثل الانتخابات، فالانتخابات يمكن أن تسمى انتخابات بمن شارك فيها من الأطراف الراغبة أو التي ترى في نفسها الاستعداد والجاهزية للمشاركة، لأن المشاركة لها حساباتها الخاصة بموقف المشارك نفسه، كما أن عدم المشاركة لا يعني بالضرورة المقاطعة، بل قد يكون أيضاً لأسباب خاصة بمدى استعداد الحزب لخوض المنافسة.. هذه أمور بدهية ومعروفة، لذلك من الطبيعي أن تقام انتخابات في بلد ما بمن يرغب ومن يحضر، لكن ليس من السهل تقبل فكرة الإعلان عن عقد الحوار الوطني لمعالجة خلافات سياسية كبيرة بين الحكومة والمعارضة ولا تكون معظم قوى المعارضة مشاركة في هذا الحوار..
نعم لا نتوقع أن يشارك الجميع في أي حوار سياسي في السودان مهما قدمت الحكومة من تنازلات، لكن على الأقل يجب أن تشارك قوى كبيرة ذات وزن وقيمة وتأثير في الساحة السياسية، وكنا نتفاءل كثيراً بمبادرات المؤتمر الشعبي لإقناع الأحزاب الأخرى بالانضمام لطاولة الحوار.. أو بالأصح العودة لطاولة الحوار التي غادروها قبل أن تلتئم.. ونستبشر أيضاً بالحديث عن جهود تتم واتصالات لإقناع حزب الأمة ورئيسه الصادق المهدي للعودة للحوار، فلماذا وفي ظل هذه الجهود تصدر تصريحات تتحدث عن بدء الحوار الأسبوع القادم أو الأيام القادمة.. وطبعاً سيكون بمن حضر فقط.. أي بحضور تلك الأحزاب التي ليس لديها خلافات أساسية مع الحكومة، بجانب المؤتمر الشعبي الذي تنظر إليه الأحزاب المعارضة الأخرى الآن على أنه الحزب العائد إلى داره القديمة دار السلطة بعد (غربة وشوق).!
لا يجب أن تصل الحكومة إلى درجة اليأس من مشاركة أحزاب المعارضة في الحوار في وقت أعتقد أن تلك الأحزاب ستتجه فيه لمراجعة موقفها من التحالف مع حاملي السلاح.. وكانت القطرة الأولى في هذا الغيث الجديد عبرت عنه تصريحات رئيس تحالف قوى المعارضة فاروق أبوعيسى التي رفض فيها هجوم العدل والمساواة على جنوب دارفور قبل أن يعود ويحاول التراجع عن هذا الحديث لاحقاً.. المهم أن أبو عيسى أقر أو لم يقر بهذا الموقف، لكن النزعة لمراجعة التحالف مع المتمردين موجودة عنده وعند الصادق المهدي والآخرين.. وبالتالي ليس هناك مبرراً للاستعجال وبدء حوار ناقص في ظل جهود مبذولة يجب انتظار نتائجها..
شوكة كرامة:
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.