يا خفي الألطاف نجنا من يوكاف
في دنيا الأزياء لا تصمد الموضة أكثر من بضعة أشهر، فلكل فصل من فصول السنة موضة معينة، لا تتكرر بتكرار الفصول، وهناك إلى جانب ذلك أزياء خاصة بحفلات العشاء وأخرى للسندويتشات وثالثة لحفلات الطلاق، وهلم جرًا وهلم جرًا، وما يحيرني في عالم الأزياء النسائية أنها تقدم ملابس يتعذر السير بها أكثر من بضع خطوات، وابحث في يوتيوب عن سقطات العارضات خلال العروض وما يسمى «الكات ووك cat walk»، أي مشية القط، ولثقافتك العامة أقول إن عارضة الأزياء مطالبة بمشية تجعل فيها كل قدم تأتي في خط مستقيم، وليس كما نمشي نحن بقية البشر بأن تأتي القدم مطرح ما تأتي، ولو دخلت ذلك الموقع ستستمتع وأنت ترى الفتيات الجربانات يتهاوين ذات اليمين وذات اليسار. وما لا يعرفه الكثيرون، هو أن صناعة الأسلحة أيضاً تطرح موضات جديدة بين الحين والآخر، فما أن تشتري دولة دبابة أو طائرة وتتسلمها بعد إبرام الصفقة بعدة سنوات حتى تكون موضتها قد انتهت، وهو ما حدا بالروس مؤخراً إلى عرض الموضات القديمة من الدبابات والعربات المدرعة للمدنيين! وبما أنني معني بأمور السلامة المرورية فإنني أناشد فاعلي الخير مساعدتي على شراء دبابة لاستخدامها في الانتقال من مكان العمل وسوق الخضراوات والحراج وإليها، تفادياً لقوات الصاعقة المدنية التي تجوس شوارعنا مستعرضة عضلاتها في التصدي لخلق الله المساكين من أمثالي المتخلفين الذين ما زالوا يحترمون قوانين المرور، ونشأ سباق التسلح بأن تنتج أمريكا صاروخا فتنتج موسكو صاروخا مضادا له فتنتج أمريكا صاروخا مضادا لمضادات الصواريخ السوفييتية (الروسية) ومن المحتمل أن تطرح الصناعات الحربية الأمريكية خلال أشهر قليلة، أو بالكثير بعد سنة أو اثنتين طائرة يوكاف Unmanned, Combat Air Vehicle وهي من إنتاج بوينغ وسلاح الجو الأمريكي، والغرض منها تمكين أمريكا من قصف أي هدف في أي مكان في العالم من دون تعريض حياة طياريها للخطر، أي أن الطائرة تحلق بدون طيار ويتم التحكم فيها عن بعد بإعطائها الأوامر بضرب الهدف المحدد، وهي غير الدرون المستخدم حاليا بنفس الأسلوب ولكن بقدرات محدودة، وهكذا فإن شخصاً قابعاً في مكتب أنيق في ميامي بولاية فلوريدا يستطيع أن يقصف أهدافاً في أفغانستان وهو يقوم بتمرير أصابعه على شعر سكرتيرته التي تخون زوجها معه،.. وهكذا تنضم الطائرة الذكية إلى القنابل والصواريخ الذكية التي من فرط ذكائها قصفت السفارة الصينية في صربيا خلال حرب البلقان، معتبرة إياها مقراً عسكرياً لقوات السفاح ميلوسوفيتش والتي دمرت مصنع الشفاء في الخرطوم بحري الضلع الثالث للعاصمة السودانية بعد أن حسب عميل غبي أن الروائح المنبعثة من المصنع تعود إلى أسلحة جرثومية بينما كانت في واقع الأمر صادرة عن الفول الذي كان العاملون في المصنع يتعاطونه في الفطور والغداء مما يؤكد نظريتي أن الفول مصدر أساسي للغازات السامة، وأنه ينبغي حظر بيعه وتداوله بموجب قرار دولي، وما لم يصدر مثل هذا القرار فإن الولايات المتحدة بوصفها كفيلة الكرة الأرضية ستقوم بقصف المناطق الزراعية في مصر والسودان بحجة تخليص البشرية من خطر الفول لتغطية عجزها في استئصال تجارة المخدرات من كولومبيا.
الطائرة يوكاف ستطير قريبا لتضرب أهدافاً وهمية بالجملة، وإذا ثبتت فاعليتها فإن الولايات المتحدة ستحاول تجريبها ميدانياً بالبحث عن هدف حقيقي، كما فعلت بقنبلتها الذرية الأولى التي حرصت على عدم إضاعة فرصة تجريبها فرمتها على نجاساكي وهيروشيما على الرغم من أن اليابان أبلغتها بنيتها الاستسلام.. ولهذا على العرب أن يلزموا حدود الأدب مع أمريكا خلال السنوات القادمة تفادياً لاستخدامهم كفئران تجارب للطائرة يوكاف، ولزوم حدود الأدب مع أمريكا يعني عدم التطاول على إسرائيل، بل واستخدام سلاح البوس معها بكثافة وكفاءة.
jafabbas19@gmail.com