قضية أمن قومي!!
خلال الأيام الفائتة تصاعدت الأزمة بين المجلس القومي للصيدلة والسموم ووزير الصحة بولاية الخرطوم البرفيسور مأمون حميدة إثر قرار صادر من المجلس بسحب الترخيص الممنوح لوزارة الصحة بالولاية لإصدار الرخص والرقابة على الصيدليات.. وإرجاع هذا الحق لمجلس الصيدلة والسموم.. وزير الصحة الذي أظهر ترحيباً بالقرار ولمح خلاله إلى أن المجلس لا يستطيع مراقبة (1800) صيدلية..(35) شركة أدوية و أكثر من (100) مخزن للدواء قال إن الوزارة لم تتلقَّ إخطاراً رسمياً بسحب الحق الممنوح لها بموجب القانون فيما يلي الترخيص والرقابة وغيرها.. وأرسل تصريحات للمجلس (بنكهة) التهديد مفادها إذا كان المجلس يستطيع سحب سلطة ولائية فلا مانع لدينا، فلنتعامل وفق معطيات القانون.!
أمس الأول أطلق وزير الصحة تصريحات (خطيرة) تشير إلى وجود (30) صيدلية بالولاية (40)% من أدويتها منتهية الصلاحية وبعضها غير مسجل.. ودائماً ما يتحدث الوزير عن تجاوزات في القطاع الصحي على اعتبار علمه بما يحدث.. كيف لا وهو وزير الصحة.. حسناً.. إذا كان وزير الصحة يعلم بهذه المعلومات الخطيرة أو حتى لو اكتشفها لاحقاً لماذا لم يقم بإغلاق هذه الصيدليات وفتح بلاغات جنائية في مواجهتها.. أم إن قضية سحب هذه المهام من الوزارة هي التي أخرجت هذه (الفضايح).. لأغراضٍ أخرى لا علاقة لها بالرقابة وحياة المواطنين.. أخشى أن يكون الرقم أكبر من ذلك بكثير.. فاتشار الفشل الكلوي وتسمم الدم وغيرها من هذه الأمراض المرتبطة بالسميات كثرت خلال السنوات الأخيرة.. بالإضافة للذين يعتقدون أنهم يتناولون الدواء المناسب وهم يخسرون في كل يوم يمر صحتهم بسبب تفاقم المرض.. من المسؤول عن هذه الفوضى إذا كان وزير الصحة (يونسنا) بهذه الأخبار (الخطيرة).. لماذا حياة المواطنين في هذه البلد أصبحت مجرد (بزنس) الأهمية فيه للمال وليس حياة البشر.. وكيف يمكن للمصالح الخاصة أن تسيطر حتى على ولاة أمرنا وتصبح هي القضية وليس الواجب والمسؤولية..؟؟
القطاع الصحي أصبح مسرحية تراجيدية نتفرج على كوارثها كل صباح.. ويدفع ثمن التلاعب به مواطنون في بلد كاملة.. ثلث الشعب مات بالإهمال الصحي أو الأخطاء الطبية أو التلاعب في الدواء أو الأمراض الفتاكة التي وفرت لها البيئة الصالحة ولم تجد رادعاً.. والثلث الآخر يعيش مع معاناة المرض وقلة الرعاية وسوء الخدمات.. والثلث الأخير أيضاً يتسرب اليه المرض رويداً ويتوجس خيفة (البشتنة) وليس الموت.. من لم يمت بنيران الحروب مات بالمرض والفقر.. ومن لم يمت يعيش وروحه في كفه، فالأمراض تحاصره من كل جانب والتلاعب بصحة المواطنين بلغ أشده.. وزارة الصحة تعلن وباستمرار عن ارتفاع نسبة الإصابة بأمراض السرطانات والفشل الكلوي والكبد الوبائي والدرن والإيدز وغيرها من الأمراض الأخرى.. حتى الملاريا المرض القاتل أصبح تقبله هنا مثل (نزلات البرد) بسبب ارتفاع معدلات الإصابة به.. ومع ذلك لم تعلن وزارة الصحة حالة الطوارئ ولم ترفع درجة الاستعداد.. هنا في الخرطوم مقر الحكومة أقعدت الأمراض البشر وانعدمت الرعاية.. إذاً كيف الحال في الولايات الأخرى.. القضية أصبحت قضية أمن قومي.. كيف لبلد فتكت بها الأمراض أن تنهض.