الحكومة الجديدة.. وجوه أم سياسات؟
الشارع السوداني لا ينشغل كثيراً بامر الحكومة الجديدة، المواطن يهمه أمنه وطعامه وشرابه ثم بقية الخدمات, ونستدل على عدم اهتمام الشارع بما هو آت أوائل يونيو المقبل، نستدل على ذلك بضعف الاقبال على صناديق الاقتراع إما لاسقاط مرشحي المؤتمر الوطنى وحلفائه، كما تمنت المعارضة وقادة حملة (إرحل) التي أطلقت شعارات بلا ساقين تمشي بهما بين الناخبين.. أو لاظهار القوة الجماهيرية (الكاسحة) لمؤيدي حزب المؤتمر الوطني وسياساته كما تمنت الحكومة والحزب معاً.
ضعف الاقبال على صناديق الاقتراع في انتخابات هذا العام مقارنة بسابقتها في العام 2010م جاء بسبب ان عدم تنقيح السجل الانتخابي اظهر ضعفاً غير حقيقي في الاقبال لأن أكثر من عشرين بالمائة من المسجلين ذهب بهم الاستفتاء على انفصال الجنوب، الى الشق الآخر من الوطن, اضافة الى قناعات راسخة في نفوس المواطنين بان المؤتمر الوطني سيكسب الانتخابات، وطالما ان النتيجة متوقعة، فلماذا (قومة النفس) والعمل على دفع سيارة تعمل ماكينتها بأقصى قوة حصان ممكنة.
شعار المؤتمر الوطني الذي خاض به الانتخابات وحصد به أصوات الناخبين من منسوبيه أو مؤيديه أو المتعاطفين معه، كان (من أجل الاصلاح واستكمال النهضة)، وهو شعار حدد اهداف المرحلة السياسية المقبلة، والتي بدأ الاعداد لها منذ نوفمبر من العام الماضي، عندما اقدم المؤتمر الوطنى على خطوة جريئة أزاحت بعض الرموز القديمة من (البدريين) كما يطلق على قدامي المؤسسين لنظام الحكم الحالي في البلاد، وجاءت بوجوه جديدة، ودفعت بدماء حارة وشابة في عروق نظام الحكم.
ذلك الشعار يعول عليه الذين شاركوا في الانتخابات أو لم يشاركوا, يعولون عليه كثيراً من أجل تغيير حقيقي لا مزيف، جوهري لا شكلي، وينتظرون تطبيقاً حقيقياً وواقعياً للجزء المرتبط بالاصلاح في ذلك الشعار.. اصلاحاً سياسياً ليس على مستوى الحزب أو قياداته بحيث تتم عمليات التسليم والتسلم من جيل الى جيل، بل يريدون تغييراً على مستوى الواقع السياسي كله، حتى في شكل ومضمون شراكات الحكم.
ويطمع كثيرون في أن تستحدث القيادة منصب رئيس وزراء حتى يسهل على البرلمان المنتخب محاسبة السلطة التنفيذية, وليس هناك من موانع دستورية في هذا الخصوص.
نحن ننتظر الاصلاح.. وننتظر انهاء الحرب وعلى الحكومة الجديدة ان تستكمل النهضة التي لن تجئ في ظل واقع اقتصادي صعب، ومنازعات وحروب لن تنتهي اذا لم نمنع شرارتها من الاشتعال تماماً بالحكمة السياسية والموعظة الحسنة، من موقع القوة الذي يحفظ للدولة هيبتها.