جعفر عباس

هلموا إلى حلايب يا حبايب

بدأت عملي الصحفي في منطقة الخليج بطريقة (زلنطحية)، أي أنني لم أدرس الإعلام أو الصحافة، بل دخلت في المجال بالعرض كمترجم في بداية الأمر ثم كمحرر، وشيئاً فشيئاً صرت أفهم الجوانب الحرفية للمهنة إلى أن اتضح لي أن الصحافة مثل التدريس تقصر العمر لأنها تسبب ارتفاع ضغط الدم والتهاب القولون، وما يجعل الصحافة (علة)، ليس فقط أنك مطالب بأن تكذب وتمارس البكش لتضمن أكل عيشك وتتفادى المرمطة، بل إنها تستوجب السهر.. وفي عام 1988 أصبت بنوبة أرق استمرت ثلاثة أشهر، بسبب اختلال ساعتي البيولوجية: تعود إلى البيت في الرابعة صباحاً وتقرر أن تأكل شيئاً، وتتذكر أن مهاراتك في الطبخ، مثل مهارات شعبولا في الغناء، فتقول: بلاش.. وتعد لنفسك كوب شاي وتتناول معه بعض البسكوت ويطير النوم من عيونك.. وأعطاني طبيب أقراصاً مهدئة تساعد على الاسترخاء، ومن ثم النوم وساعدتني تلك الأقراص على النوم بضع ساعات، ولكنه كان نوما غير مريح، أي أنني كنت أصحو مرهقا ومشتت الذهن، وهكذا قلت لنفسي: ما بدهاش.. أي المسألة لا تستأهل تعاطي العقاقير المهدئة، واضطراب حياتي اليومية وعلاقاتي الاجتماعية، واتخذت قرارا بتطليق الصحافة المكتوبة.
وقد كان أنْ قاطعتها منذ عام 1988 بمعنى أنني لم أعمل بعدها أجيرا لدى أى مؤسسة صحفية، ورغم أنني من أقدم صحفيي قناة الجزيرة (بين العاملين فيها حاليا) إلا أنني حرصت عند انطلاقتها، على العمل فيها فقط كمتعاون وقلت لمديرها العام بصريح العبارة: لن أعمل بعد العاشرة مساء لدى أي جهة. وكان طلاق الصحافة الورقية كمهنة أساسية بداية انطلاقتي ككاتب حر.. العصمة في يدي.. أكتب مقالات هنا وهناك على كيفي وبمزاجي.. وهكذا ولدت الزاوية المنفرجة ثم تلتها أختها الزاوية الحادة وثالثة اسمها زاوية غائمة (كي ينطقها أهلي على النحو الصحيح بالقاف) ورابعة اسمها الزاوية المعكوسة.
كان من المواضيع الأثيرة على قلبي طلب يد الممثلة المصرية نبيلة عبيد، وظللت أهذي بها حتى جاء يوم كنت فيه في مبنى مجلة المجلة في لندن عندما تلقيت مكالمة هاتفية من بنت عبيد تعرض علي فيها موافاتها في جنيف حيث كانت تقضي إجازتها، ولسوء حظي كانت زوجتي معي، ولولا وجود أشخاص آخرين حولنا أثناء تلك المكالمة لكنتم قد فرغتم منذ سنوات من ذكر محاسني.. وما زلت أتواصل مع نبيلة عبيد هاتفيا ولكن من وراء ظهر زوجتي (وأملي عظيم في أنه لا يوجد بين قرائي نمام وناقل وشايات لأن المسألة فيها خلع ونفقة.. هذا إذا سلمت من الإعاقة).
وكان هناك موضوع حلايب.. تطرقت إلى هذا الموضوع بحيث إنني استطيع أن أجزم بأن كل المصريين المقيمين في منطقة الخليج قبلوا بطرحي القاضي بجعل حلايب دولة مستقلة أكون أنا ملكها المنتخب مدى الحياة ويقيم فيها أي مصري أو سوداني يثبت أنه لا يملك منزلا أو أرضا زراعية أو بورا بشرط ألا يكون متزوجا.. يعني عزابي، لأن مشروعي لتطوير مملكة حلايب العزابية يقضي بتزويج سكانها -وكلهم من الذكور- من بنات تايلاند والفلبين وهاواي لتحسين النسل ولغرس حب العمل في الأجيال الحلايبية الجديدة.. وبحمد الله فإن حكومتي مصر والسودان لم تعودا تتنازعان حول ملكية حلايب، مما يشجعني على إقامة دولة بالمواصفات أعلاه.. وأناشد القراء طلب «عضوية» حلايب، مع طمأنتهم بأن المسألة ليس فيها (حرابة أو دبابة).. فكل ما هو مطلوب هو التسلل إلى حلايب -وهي أصلا فاضية ومالهاش صاحب- والبقاء فيها وتملك كل أراضيها بوضع اليد.. وسيكون ذلك سهلاً، لأن كل من السودان ومصر الفيها يكفيها.. وإذا طارت منهما حلايب نهائيا ستقولون ولو سرا: مصيبة وعدت.

jafabbas19@gmail.com