الطاهر ساتي

قواعد النزاهة ..!!


:: كما توقعت زاوية مطلع الأسبوع الفائت..(صراع مصالح)، هكذا كان عنوان تلك الزاوية، وقلت فيها بالنص : (هذا القرار من علامات الصراع بين وزارتي الصحة الإتحادية والولائية، والمواطن – كعادة – سيدفع ثمن هذا الصراع)..وقد وقع الصراع، ولا يزال..وبصحف البارحة، أخرج د.عبد الرحمن الخضر، والي الخرطوم، الصراع من دهايزه قائلاً بالنص : ( نرفض أية إملاءات تفرضها الإتحادات لتحديد مسافات أماكن الصيدليات، وأن تفتيش المؤسسات العلاجية من سلطات الوزارة الولائية)، هكذا رد والي الخرطوم على قرار بحر أبوقرده، وزير الصحة الإتحادية..!!
:: أما قرار أبوقرده، المرفوض من قبل الخضر، فيقول ( يُسمى هذا القرار قرار إلغاء التفويض الممنوح للسلطة الصحية بولاية الخرطوم.. القرار / يلغي أمر التفويض الممنوح للسلطة الصحية بولاية الخرطوم والخاص بمنح تراخيص المنشأت الصيدلانية والرقابة عليها..ويمارس المجلس القومي للأدوية والسموم جميع السلطات الممنوحة للسلطة الصحية بولاية الخرطوم.. تسري جميع التراخيص التي تم إصدارها قبل هذا القرار ما لم تلغى أو تعدل..صدر تحت توقيعي، الأستاذ بحر إدريس أبوقردة، وزير الصحة، رئيس المجلس القومي للأدوية والسموم، 30 إبريل2015 )..!!
:: وبعيداً عنهما ( أبوقرده والخضر)، فالدستور ينُص لكل ولاية سلطة إدارة شئونها بما فيها تراخيص الصيدليات والمتاجر والأسواق و رقابتها، وإدارة الأدوية بوزارة الصحة الولائية هي الجهة المنفذة لسلطة ( تراخيص الصيدليات)..ولكن للأسف، بقانون المجلس القومي للأدوية – التابع لوزارة الصحة الاتحادية – نص يجرد الولايات من سلطة تراخيص الصيدليات بحيث يتغول عليها المجلس القومي للأدوية، وهذا النص مخالف لدستور البلاد..ولأنه مخالف للدستور، وغير منطقي، ظل المجلس القومي يفوض الولايات بسلطة (تراخيص الصيدليات)..ولكنه اليوم – بهذا القرار – يلغي التفويض عن ولاية الخرطوم ويتولى أمر تراخيص الصيدليات..وعليه، فالتفويض كان تفويض من لايملك لمن يستحق (بالدستور)..!!
:: ولكن، لماذا لم تطالب ولاية الخرطوم بهذا الحق الدستوري قبل (سحب السلطات)..؟، ولماذا سحب المجلس القومي السلطات من ولاية الخرطوم؟..فالسبب الأول، شرعت ولاية الخرطوم منذ أشهر في إنشاء مجلس ولائي للأدوية بحيث يكون موازياً للمجلس القومي في كل السلطات عدا سلطة تسجيل الأدوية..والسبب الأخر، وهو أس الصراع، تسعى ولاية الخرطوم إلى إلغاء مسافة المائة متر المحددة – في اللائحة المركزية – بين الصيدلية والأخرى..مسافة المائة متر بين الصيدلية والأخرى، نص في قانون المجلس الإتحادي، مراد به توزيع الخدمة ومدها بحيث تصل أطراف المدينة..ولكن ولاية الخرطوم، لأسباب غامضة ومريبة، تسعى إلى إلغاء مسافة المائة متر بفتح باب ( الإستثناءات)..!!
:: وعليه، مع إحترام الحق الدستور لولاية الخرطوم، فالقضية الأساسية التي هم فيها يتصارعون – في مسافة المائة متر – ليست هي الأمتار في حد ذاتها، بل هي عدم إحترام سُلطة حكومية لألية يتنظم مهنة الصيدلة بالولاية وتوفر خدماتها لكل مواطن في موقعه عبر ( ألية المائة متر).. وعندما وضعت منظمة الصحة العالمية معاييراً لممارسة مهنة الصيدلة، ومنها معيار المسافة ما بين الصيدلية والأخرى، قصدت وصول هذه الخدمة العلاجية – بالتمدد عبر معيار المسافة – إلى أهالي جبيل الطينة و دار السلام وعد الفرسان وغيرها من الأقاصي حتى لا يتكبد أهلها مشاق الرحلة إلى قلب الخرطوم بحثاً عن ( الدواء)..ولكن وزارة الصحة الخرطوم – لأمر ما، مُريب جداً- لا تعترف بمعايير الصحة العالمية، والغريب في الأمر إنها – بتناقض غريب – تجفف مشافي الخرطوم بتبرير نقل الخدمات الطبية إلى الأطراف.. وإنتهاك الوزارة الإتحادية لبعض نصوص الدستور لا يُبرر للوزارة الولائية إنتهاك بعض ( قواعد النزاهة )..!!