جمال علي حسن

متاجر الدواء.. بين التفويض والفوضى


للأسف لا يحدث صراع أو نزاع حول السلطات بين الحكومة الاتحادية والحكومة الولائية إلا في الملفات الخدمية المرتبطة بالسوق، والتي تكون شبهة المصالح فيها واضحة للجميع .

والدليل على ذلك أن المعركة المستعرة والمشتعلة الآن بين وزارة الصحة الاتحادية ووزارة الصحة بولاية الخرطوم حول ترخيص الصيدليات والرقابة عليها لم تحدث حين قررت الحكومة أيلولة المستشفيات الاتحادية إلى ولاية الخرطوم والذي أثار استياء الأطباء والاختصاصيين الذين حذروا حينها من أن القرار سيلقي بظلال قاتمة على المواطن وسيرفع تكاليف العلاج بشكل لافت، كما سيحرم سكان الولايات الأخرى من تلقي العلاج في الخرطوم.

وزارة الصحة الاتحادية لم تعترض على قرار أيلولة مستشفياتها إلى ولاية الخرطوم، بل ربما كانت سعيدة بالقرار ولسان حالها (ربنا حلانا من همها).. لكنها لا ترضى أن تمتلك الخرطوم صلاحية الترخيص والرقابة على الصيدليات والعكس صحيح.

لذلك نرجو من قيادة الدولة وصناع قرارها والذين سيتدخلون حتماً لإنهاء هذا الصراع كما يحدث دائماً وفي كل مرة وكثيراً ما عودونا على مناصرة صاحب الصوت العالي أو الوزن السياسي والتنظيمي الأثقل، لكن نرجو منهم هذه المرة أن يغيروا نهجهم في التعامل مع صراعات المؤسسات ويفتحوا تحقيقاً واسعاً ودقيقاً يتلمسوا فيه ما وراء السطور وما وراء المينشيتات والتصريحات.. ابحثوا عن خلفيات الصراع ودوافع هذه المعركة التي جعلت والي الخرطوم يتبناها بنفسه.. ابحثوا عن الخفايا غير الظاهرة للناس لتكتشفوا نوع المرض.. وتتأكدوا أن مصلحة المواطن ليست حاضرة في هذه المعركة على الإطلاق..

قطاع الصيدلة موبوء بصراعات مافيا الدواء وسيطرتها على القرار الإداري في الكثير من الأحيان. وليست قضية المواطن الآن هي عدد الصيدليات أو موقعها الجغرافي بل القضية هي ما بداخل تلك الصيدليات من أدوية غير صالحة وغير فعالة.. المواطن لا يهمه من الذي يمتلك التفويض بمراقبة الدواء ومنح التراخيص لكن الذي يهمه هو ما بداخل عبوات الدواء من عقاقير درجة ثالثة وما يهمه هو سعر الدواء.

لقد سميتها متاجر وليست صيدليات بعد أن صارت جودة الأدوية بحسب سعر الدواء وصرنا حين نقدم روشتة الطبيب للصيدلي أو بائع الدواء داخل الصيدلية يعطينا خيارات صرفها حسب إمكانيات المريض. فلو أردت الدواء عالي الجودة تدفع أكثر.. وإلا فالدواء الأرخص موجود الذي إن لم يزد من المرض والألم فإنه لا يزيله.. هذه متاجر وليست صيدليات ولذلك أنتم تتصارعون.. كان الله في عون المواطن

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.