عمر نيستا: أهل (غسان) مؤمنون وصابرون ولم أر منهم إلا كل خير

اثار حادث الحركة الذي تعرض له الضابط الراحل الملازم أول غسان؛ الموظف السابق بمكتب والي ولاية الخرطوم؛ وادى لوفاته، اثار الكثير من الشائعات والتخمينات؛ وامتلأت الاسافير ومواقع التواصل الاجتماعي بالعديد من القصص والحكاوي. البعض اعتبر أن الحادث مدبر؛ وان العملية عبارة عن تصفية جسدية للراحل غسان؛ لانه يحمل الكثير من الأسرار؛ التي يجب أن لا تخرج للعلن وان تدفن معه. وان الشخص الذي قام بالاصطدام بعربة غسان؛ تدرب في قطر على مثل هذه العمليات والاغتيالات.

لقراءة المشهد بصورة صحيحة؛ جلست (السوداني) إلى الموظف بالداخلية القطرية عمر عيسى رستم؛ وهو الشخص الذي اصطدمت سيارته مع سيارة غسان. عمر حكى ملابسات الحادث الاليم بكافة تفاصيله الدقيقة؛ وكشف عن ماذا حدث له بقسم المرور، وماذا قال له اهل الراحل؛ واجاب على كل ما راج من قصص وحكايات حول مقتل غسان. معا إلى تفاصيل الحوار المثير جداً:

* حدثنا ماذا حصل بالضبط؟
من الصباح السيارة لم تكن معي كانت مع الاخ أحمد جابر، وفي الساعة السادسة والنصف توجهت بالسيارة إلى زوجتي في شارع الستين.
* كنت متوجها من اين وإلى اين؟
من حي الشجرة إلى شارع الستين؛ وكنت متوجها إلى زوجتي؛ التي تقطن في شارع الستين. ومع (لفة جوبا) وشارع الستين كانت الاشارة خضراء، وأنا رأيت سيارة ـ سيارة الراحل غسان ـ من بعيد لكن لم اتوقع أن يتخطى الشارع؛ ومع قربي من الاشارة دخل الراحل غسان بعربته.
* وقتها كم كان سرعة سيارتك؟
لم تتجاوز الثمانين، لكن عندما ضربته لم اكن اضغط على الفرامل.
* مع تحرك عربة غسان؛ لماذا لم تضغط على الفرامل؟
لان المسافة قريبة وبصراحة (اتخلعت ولم اتوقع ذلك) وكانت الضربة في الجزء اليمين، وهو كان يرى أن عربتي كانت داخلة وان (الاشارة خضراء).
* هل كنت تعرف من بداخل السيارة؟
لم اكن اعرف من داخلها؛ لانها كانت مظللة بالكامل (الزجاج اسود)، واستنتجت انه كان يتحدث بالهاتف لاني ضربت له (بوري طويل) ولم يستجب؛ لكن أنا غير متأكد من ذلك لاني لم ار ما بداخل السيارة، ولا استطيع أن اظلمه بأنه كان يتحدث بالهاتف وقت مرور عربتي.
* بعد التصادم ماذا حصل؟
قبل التصادم بمسافة مترين انزلت رأسي إلى تحت؛ وكنت اربط الحزام ولم اصطدم بالزجاج الامامي، وأنا نزلت من السيارة واول شيء قمت به جريت مسرعا إلى سيارة غسان (لأشوف الحاصل عليه شنو).
* ماذا وجدت؟
وجدت شبابا يتحلقون حوله؛ والبداية سيارة غسان لم تفتح وبعد محاولات عديدة فتحت واخرج غسان، وبعدها قمت بالاتصال بأصهاري اهل زوجتي والذين يسكنون بجوار مكان الحادث بمسافة اربعين مترا تقريا؛ قلت لهم اني عملت حادثا بالقرب من منزلكم؛ وفي الاثناء اتى عسكري قال لي “ان الشخص الذي اصبته يبدو عليه انه توفى”… قلت “الله يرحمه هذا قضاء وقدر”. بعد الكلام اتت الدورية والدفاع المدني؛ بعدها رأيته واطمأننت انه ركب الاسعاف.
* كم كان الوقت في ذلك الحين؟
في تمام الساعة السابعة وعشر دقائق.
* بعد الحادث هل قال لك احد أن هذا غسان؛ وانه الموظف بمكتب والي ولاية الخرطوم؛ او شيء من هذا القبيل؟
لا لا لم اسمع بهذا.
* وماذا حصل بعد ذلك؟
ذهبت القسم واخذ المتحري بطاقتي؛ وقال لي اذهب معي واصف لي الحادث ومكانه؛ وذهب رئيس القسم بنفسه؛ كان رائدا وقال اني سأذهب معك لان الحادث كبير، وفي الاثناء اتى العسكري وفتش عربة “غسان” لوجود امانات او اي شيء يدل على سبب الحادثة؛ ولم يجدوا شيئا، لكن وجدوا هاتفا فقط؛ وكان يتصل باستمرار؛ والرقم الذي كان يتصل كان يبدو عليه رقم فتاة؛ اسمها “وسام أو سهام” او شيء بهذا الاسم؛ حتى انها تحدثت مع المتحري. وفي اثناء تفتيش العساكر لسيارة “غسان” وجدوا رخصة وبطاقة؛ وقال العسكري إن المصاب ضابط؛ ونظر المتحري إلى البطاقة وقال انه يعرفه بالاسم لكن شكلاً لا يعرفه.
* بعدها؟
دار حديث بين الضباط والعساكر؛ وسمعت بصوت خافت “انه غسان صاحب مشكلة مكتب الوالي”.
* بعد معرفة الضباط انه “غسان” كيف كان التعامل معك؟، هل وجه اليك اتهام بالتصفية الجسية؟
لا لا لم يتهموني بشيء. بعد ذهابي لقسم الشرطة (تعكست اموري كلها وصعبت) وتعنت الضباط وقالوا “لن يعملوا لي ضمان”، والمفروض اني كنت اخرج بضمان لان القانون كفل لي ذلك؛ لكن الضباط تعنتوا ولبثت فترة طويلة حتى في منتصف الليل يأتي ضباط ويسألونني؛ وكان معي تحقيق نصف الليل، حتى بطاقتي بطاقة قطر ليس من حقهم أن ياخذوها لانها بطاقة عسكرية. وزاد تعقيد الامور.

* ماذا تعمل في قطر؟
اتبع لوزارة الداخلية القطرية.
* ماذا تعمل تحديدا؟
موظفا.
* وصفك الوظيفي؟
موظف ـ هنا لم يُدلِ او يفصل ـ.
* إذا ما سبب تمسك الضباط بعدم اخراجك بضمان؟
سمعت من العساكر أن ضابطا من المرور وجه ضباط القسم بأن لا اخرج بالضمانة اصلا. وكل مرة يستدعوني للتحقيق كل رأس نصف ساعة.
* هل خضعت لتحليل (السكر وتعاطي مخدرات)؟
نعم اخضعوني لذلك والنتيجة كانت سليمة وطيبة؛ وأنا الحمد لله لا اتعاطي اي شيء. وأنا في حساباتي ضارب شخص عادي؛ كان ممكن اموت أنا؛ الله اراد ذلك، غسان هو في النهاية بني آدم، اما بالنسبة للمشاكل التي كان فيها بخصوص والي ولاية الخرطوم “أنا ما عندي بيها علاقة وما بتخصني”؛ المات في الحادث بني آدم، اما في حسابات الآخرين فلا يهمني إن كان دخل في قضية فساد او غيره.
* اذا الامر صدفة؟
“والله العظيم والله العظيم الحادث غير مقصود”، و لو وقفنا مرة اخرى في مكان الحادث وقيل لي اضربه نفس الضربة لا استطيع، أنا كنت ماشي بثمانين؛ والعربة التي امامي مظللة؛ ولم اعلم من الراكب فيها “غسان أو غيره”، هل كنت سأعلم انه سيقطع الاشارة؟ لا. هل من دون العربات جميعها اعرف أن تلك العربة راكب فيها غسان وأنا كنت راجيه في الاشارة وسرعتي في ذات الوقت الثمانين؟ ما ممكن والله.
* هل اطلعت على ما نشر في مواقع التواصل الاجتماعي عن أن الحادثة لا تخلو من التصفية الجسدية، وانك من قمت بذلك؟
نعم اطلعت على هذا القول “هذه افتراءات”، وقرأت كذلك انني تابع للداخلية القطرية واتيت خصيصا لاغتيال غسان، وهنالك من قال انني مدرب خصيصا لمثل هذه العملية والاغتيالات وانني موصىً بتنفيذ تلك المهمة. وبعدما علم الناس أن لا ذنب لي اتجه البعض وقال لقد قطعوا اسلاك فرامل سيارة غسان هذه قصص؛ سبحان الله.
* كيف تعاملت مع هذه الأنباء و(القصص)؟
أنا شخص مؤمن، وان الحادثة برمتها قضاء وقدر، ولا علاقة لي بغسان، أنا مقيم في قطر واتيت اجازة وعائد.
* كيف تعامل معك ذوو غسان بعد الحادثة؟ ولماذا لم تذهب للمأتم مع والدك؟
صراحة اهل غسان مؤمنون وصابرون، حتى عندما كان غسان في الغيبوبة اتوني وقالوا لي لا تحمل على نفسك، وعندما خرج كنت معه في المستشفى وكان كويس، لم ار من اهل غسان إلا كل خير.
* هل ستعزي في غسان وتذهب مكان الفراش؟
نعم بلا شك، وكنت سأذهب مع والدي امس لاعزي في غسان، وكنت اريد أن اذهب اول يوم، لكن رأيت أن الناس ستكون مصدومة ولكن سأذهب عصر اليوم.

حوار: محمد محمود
صحيفة السوداني

Exit mobile version