التشكيل الوزاري الجديد ..!
في الاستطلاع المنشور عن أولويات الحكومة الجديدة قلت يجب أن تكون: الإقتصاد ثم الاقتصاد ثم الاقتصاد. نعم، صحيح هنالك أولويات للعلاقات الخارجية والقضايا الأمنية والعسكرية والحوار والتفاوض والسلام … الخ.
لكنني أرى الأولوية للإقتصاد وأنه القاطرة التي تقود كل هذه المقطورات، فالعلاقات الخارجية لا تحتاج إلى تنظير إضافي، أقول هذا و”أكل عيشنا” من التنظير وتقديم الآراء والتصورات والأوراق “محلي وصادر” ولكنني لا أرى المشكلة في الجانب النظري، فالخارجية يضيع قرابة الـ 80% من وقتها الإداري في توفير المنصرفات والمباصرة للمشكلات المالية أو للمشكلات الإدارية التي لو تتبعنها لوجدنا أن سببها “مالي بحت”.
بقية الـ 20% من الوقت الإداري تذهب مناصفة بين إطفاء الحرائق والمبادرات الذكية والإختراقات، طبعا هذا غير الإختراقات التي تحدث على المستوى الرئاسي مثل “عاصفة الحزم” وغيرها، ولكن طبيعة مؤسسة الرئاسة العمل مع المستوى النديد لها، كما أنها لا يمكن أن تكون رشيقة وسريعة أكثر من اللازم بسبب هيبة السيادة وضرورة وضوح المواقف.
الحوار مع الأحزاب معلول بأنها دائما تعول على الإنهيار الإقتصادي الشامل للحكومة، وتتوقعه، وهنالك قوى تتمناه بل وتسعى إليه، وتوصي العالمين بتضييق الخناق وتشديد العقوبات، بل صدر بيان من قبل للحركة الشعبية يوصي السعودية بعدم الثقة في السودان، والغرض طبعا ليس مصلحة السعودية، الغرض عزل السودان!
عدد من الاحزاب، لو ظهرت ملامح إستقرار إقتصادي ستقطع العشم من “موضوع الإنهيار” وستكون جادة في الحوار، أما الحركة الشعبية والشيوعي والمؤتمر السوداني، تحكمها حسابات آيدولوجية أخرى، بالإضافة للموقف الأمريكي من قضايا السودان، وسبحان من جعل الرضا الشيوعي في يد الأمريكان، سبحان الله.
لو طلبت أمريكا من الحركة الشعبية التوقيع، ستفعل ذلك، وعندها سيدخل الشيوعي في الحوار الوطني لإسناد قطاع الشمال وعدم تركه وحيدا، وسيتبعه المؤتمر السوداني … أليست هذه مهزلة ..!
لإقتصاد يؤثر في المفاوضات بإعتبار أن الرأي العام في المنطقتين يمكن أن يحاصر الحركة الشعبية، بل يمكن أن يضعف الرهان على الإستيلاء على مناطق آمنة ومستقرة ومزدهرة ، ويسبب لها إنشقاقات.
الإعلام أيضا يعتمد على الإقتصاد، لأن دوره المهم حاليا هو “صورة السودان”، وهي صورة قاتمة وغامضة بسبب عدم وجود إختراق إقتصادي كبير، أو وجود إختراقات متعددة ومبعثرة لم تحسن الحكومة إخراجها بسبب أنها مرهقة بمعالجة الأزمات، وهنا نعود مجدد للإقتصاد.
فكروا في وضع المنهج الإقتصادي، وأولوية الحلول في هذا الجانب، وبعد الفراغ من هذه القائمة من المطلوبات، فصّلوا عليها مطلوبات كل وزراة ومصلحة ومؤسسة، ومن خلال هذه القوائم الفرعية لتكن هنالك معايير إختيار شخصيات تشغل هذه المواقع وتستطيع تنفيذ المطلوبات.
وبعد تحديد الشخصيات، وحشد الخيارات، وفق هذا المنهج، ارجعوا للموازنات والجهويات والحركات والأحزاب و….
الناس كتار يا سيدي الرئيس وحواء والدة والحمد لله، السودان دولة مصدرة للقيادات والخبرات، السودان الكبير … وليس حزب محدد أو مجموعة محددة، وعندما يعلم الشخص أنه جاء بمعايير ومطلوبات فإنه سيظل وفيا لها وسيتفاني لتحقيقها، ولكنه عندما يعلم أنه جاء بمكانته التاريخية، أو الجهوية، أو مؤامراته و”لوبياته” ونشره للدعاية حول ذاته أو “ضد غيره” في الصحف فإنه سيظل وفيا لما جاء به للموقع ..!