عبد الجليل سليمان

صورة وأثر

الصورة أصدق أنباء من القلم. وأمس نشرت عديد الصحف صورة (وداع) جماعية لوزراء الحكومة (المُنصرفة) قريباً إن شاء الله. التقاط مثل هذه الصورة أمر متعارف عليه بروتوكولياً في كثير من الدول. وإلى ذلك تبدو الأمور طبيعية ولا غبار عليها، لكن الناظر إلى صورة (مفرزة) الوزراء المنصرفين – رغم أن بعضهم لم يظهر في الصورة – يشعر بالأسى والحسرة إلى درجة تجعله يصنفها ضمن المحظورات ويأسف لنشرها ويعتذر لقرائه الأكارم. رجاءً .. لا تعد. فمنذ النظرة الأولى تستطيع أن تُقسم برب العزة بأن عدد هؤلاء يضاهي الـ(50) وربما يُجاوزها، هذا العدد يستطيع أن يدير العالم كله في ظل التقدم التقني والحكومات الإلكترونية (الرشيقة). نعم يستطيع. لكن هذا لا يهم، ما يهمنا هو ماذا أنجز هذا (الرتل) الوزاري الميمون خلال سني استوازره؟. ولا شيء، (صفر كبير)، لم ينجح أحد، هذه هي الإجابات التي سيأتي بها أي استطلاع عشوائي تجريه أي جهة بين المواطنين. لقد كانت حكومة مترهلة، وبالتالي عاجزة عن السير قدماً في سبيل توفير أدنى الخدمات للمواطن، بل أكثر من ذلك فإن آثارها السالبة ستظل تلاحق وتكتم على أنفاس الحكومات القادمة وتمسك بخناقها و(تقبقب) تلابيبها. الآن، أزمة حادة في الماء، الغاز، الكهرباء، المواصلات، وكل شيء. نحو (50) شخصاً أو يزيد قليلاً، ممن ظهروا في صورة برتوكول الوداع التذكارية، لن يذكرهم أحد بعيد مغادرتهم بلحظات، ليس ذلك فحسب فبينهم من ليس له ذكر وهو على كرسي الوزارة فما بالك به وهو يغادرها. بطبيعة الحال، وعلى المستوى التجريدي والمثالي، فإن العلاقة بين المواطنين (دافعي الضرائب) ورواتب ومخصصات الموظفين الكبار (الوزراء)، ليست علاقة وجدانية، بل تعاقدية، يدفعون لهم (رواتبهم) مقابل إدارة أمورهم، وبالتالي فإنهم لا محالة محاسبون إذا ما تقاعسوا وقصروا. لكن على المستوى الفعلي (العملاني/ الواقعي) فإن شيئا من هذا لم يحدث ولن، على الأقل في الوقت الراهن. وعليه فإن الكثيرين يتعاركون و(يتهارشون) ويساومون ويفاوضون ويكيدون ويُكاد لهم، من أجل الحصول على وزارة، يتركون كل الدنيا وراء ظهورهم ويتفرغون لها. وداعاً أيها الوزراء، تركتم صورة تذكارية ولم تتركوا أثراً، فلن يذكركم أحد. ذذذذذذذذذذذذذذذذذذذ