في ما بعد .التنصيب
طالعت أمس رسالة على الوات ساب تحت عنوان (أهم عناوين الصحف بعد بكرة) أي تتنبأ منذ الأمس بأبرز أخبار اليوم المنشورة غداً، وفي العناوين المتوقعة في الرسالة جملة من الوعود الحكومية عقب أداء الرئيس البشير اليمين الدستورية أمام المجلس الوطني رئيسا منتخباً للسودان اليوم الثلاثاء وفي العناوين: الحكومة تعتزم مواصلة الحوار الوطني ودعوة الحركات المسلحة للمشاركة فيه، وبسط الأمن وتحقيق النهضة التنموية والدفع بعجلة الإنتاج والإصلاح ومكافحة الفساد.
مثل هذه الرسائل تؤكد أن مطالب الشعب السوداني واضحة ومحددة ومعروفة، وتؤكد كذلك أن المواطن على يقين بأن الحكومة تعرف ماذا يريد هذا المواطن بالضبط لكن المحك الأساسي هو (كيف)..؟
المعادلة صعبة بين أماني الحكومة وبين إمكانياتها المتاحة.. والمعادلة أصعب أمام القيادة بين تحقيق رضا التنظيم الذي يشكل مرجعية وسند والتزام بالنسبة لها وبين ضريبة ذلك الرضا التنظيمي والتي قد يضطر صناع القرار دفع تلك الضريبة على المستوى السياسي والإداري التنفيذي وعلى مستوى الانفتاح نحو الآخر وفرصة مشاركته في القرار وتنفيذه، ومتطلبات الإصلاح واستئصال أورام الفساد.
المعادلة صعبة، ويمكننا أن نقول إن شجاعة السياسة الخارجية التي تبنتها الحكومة مؤخراً والتحولات الكبيرة في خيارات السودان الخارجية وانفتاحه على المنطقة العربية وتقليص علاقاته مع إيران إلى الحد الأدنى، مثل هذه الدرجة من الشجاعة تحتاجها الحكومة على المستوى الداخلي باتخاذ وتنفيذ القرار الصحيح، وإزالة ما تبقى من (صواميل) الشمولية وإعلاء مصلحة الوطن وليس مصلحة التنظيم أو مكاسب السلطة أو أي مصالح أخرى يمكن أن تتقاطع مع مصلحة الوطن في أي منعطف..
الثورة الداخلية الحقيقية.. هي التحدي الكبير أمام السيد رئيس الجمهورية في الدورة الرئاسية الجديدة.. الثورة الإصلاحية التي تجعل الحقائب الوزارية الخدمية والإنتاجية مقدمة على غيرها من الحقائب الوزارية في الجهاز التنفيذي.. الثورة التي يجب أن تبدأ بالمفارقة الكبيرة والحزينة التي حملها مينشيت إحدى صحف الأمس (وفاة وإصابة 199 طفلا بسوء التغذية بالجزيرة).. الجزيرة الخضراء أرض الإنتاج أرض الزرع والضرع يموت فيها الأطفال بسوء التغذية..
لتكن البداية من هنا، وليكن التحدي بالفعل وبالقرار الشجاع.. بمحاسبة كل وزير أو مسؤول أو والٍ يعتبر أن منصبه الذي تقلده تشريفا قبل أن يكون تكليفا، ولتكن البداية صحيحة بالأخذ بيد المواطن الضعيف.. دعكم الآن من تشييد مطار جديد وفنادق وأبراج في بلد يموت أطفالها بسبب سوء التغذية..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.