ياسر ونسرين.. حاكموهم أو أطلقوهم
هذه المطالبة بمحاكمة ياسر ونسرين أو إطلاقهم التي يطالعها الآن القارئ الكريم، شرعت في كتابتها ما بعد منتصف نهار أمس يوم تنصيب الرئيس لولاية رئاسية جديدة، ولم تتوفر لي حينها أية معلومات عن فحوى الخطاب الذي سيلقيه الرئيس تدشيناً لولايته الجديدة واستشرافاً للمرحلة القادمة العامرة بالتحديات، فربما يحوي الخطاب قراراً بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وسحب القضايا المرفوعة ضد بعضهم وإطلاق سراح معتقلي العمل العام، ويذهب تقديري الى أن الرئيس سيفعل ذلك سواء من نفسه أو استجابة لمطلب المؤتمر الشعبي الذي عبّر عنه غير ما مرَّة ناطقه كمال عمر، فإذا صدق حدسي وتخميني وتم ذلك بالفعل فإن (عمودي) هذا يبقى بلا معنى وتبقى البركة في إطلاق المعتقلين، وإن لم يصْدُق ستظل المطالبة قائمة بحقها، فليس هناك ما هو أعدل منها في حالات الاعتقال، وليس هناك منطقة رمادية تبقي المعتقل رهينة تحت الاعتقال، فإما تقديم المعتقل (المتهم) الى المحاكمة أو إطلاق سراحه.
مضت حتى اليوم تسعة أيام على اعتقال كل من الصيدلي ياسر ميرغني؛ الأمين العام لجمعية حماية المستهلك، والأستاذة الناشطة الحقوقية؛ نسرين علي مصطفى، ولم تعلن السلطات حتى اللحظة صراحة التهمة التي أودعا المعتقل بسببها، وإن كان الراجح بدلالة قرينة تزامن اعتقالهما مع مصادرة اثنتا عشر من الصحف بعد الطباعة وتعليق صدور أربع منها لأجل غير مسمى، أن سبب الاعتقال هو ذلك المنتدى الذي نظمته الجمعية وتحدثت فيه الناشطة نسرين ونشرت الصحف التي طالتها المصادرة وتعليق الصدور تلخيصاً لحديثها، ولكن سلطات الاعتقال لم تقل بذلك علناً على الملأ وإنما لزمت الصمت كعادتها واكتفت بإيداعهما المعتقل غير معلوم المدة، ومن هنا تجيء المطالبة العادلة للسلطات بحسم هذه القضية بأحد أمرين، إما توجيه تهمة بجريمة واضحة الأركان لهما وتقديمهما على ضوئها للقضاء، أو أن تطلق سراحهما، هكذا تقضي العدالة بل فوق ذلك هو الحكم الرباني الذي نزل من فوق سبع سموات تحمله الآية الكريمة (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى إن الله خبير بما تعملون). فالله تعالى يأمر جميع خلقه في هذه الآية الكريمة بأن لا يعاملوا أحداً إلا على سبيل العدل والإنصاف وترك الميل والظلم والاعتساف، وليس من العدل والإنصاف في قضية هؤلاء المعتقلين أن يتركوا معلقين هكذا دون تقديمهم لمحاكمة تقضي في أمرهم أو إطلاق سراحهم.