فيلم وادي العروس!
أُصيب روّاد مواقع التواصل الإجتماعي (فيسبوك- واتساب) بصدمة وخيبة كبيرتين وهم يتداولون مقطعاً مصوراً يظهر فيه بعض الأشخاص البسيطين (جداً) وهم يرتدون حللاً من الجهل الشنيع بأبسط بديهيات الدين الإسلامي لدرجة أن إحداهن لم تعرف إسم النبي صلى الله عليه وسلم وزعمت بأن شيخها هو من يبتعث الرسل!!
للأمانة لم يكن هذا المقطع منطقياً أبداً بالنسبة لي حينها، ولم أصدق أبداً هذه المزحة الثقيلة، فكيف لسكان منطقة تتبع للعاصمة القومية بكل مقوماتها من كهرباء وتلفاز ومذياع وإنترنت أن يتوشح أهلها بجهلٍ مريب؟ كيف لمنطقة يدخلها المارة بسياراتهم بكل يسر أن تكون معزولةً لهذه الدرجة عن العالم حولها؟ وكيف لفتاة عشرينية أن تظهر وهي مرتدية (طرحة ولبس محتشم) بل ويبدو أنها ترتدي حجاباً كاملاً أن تنكر معرفتها بالرسول صلى الله عليه وسلم، فإن كانت حقاً بعيدةً عن المجتمع حولها فمن أين لها بذلك الزي التقليدي الإسلامي المعتاد في السودان؟ ولماذا لم تظهر على طبيعتها بمظهر معقول يتناسب مع عريها المعرفي الذي بدت به في التسجيل؟؟
قامت الدنيا ولم تقعد وإتجهت عشرات المواكب الرسمية وغير الرسمية والإعلامية والدعوية صوب وادي العروس وكل منهم في صدمة وحيرة لا يصدق ما يحدث، ولم تمضي أيام حتي ظهر لنا مقطع فيديو آخر من نفس المنطقة يوضح أنها ذات ودين وتدين وأن بها خلاوي ومساجد ومسايد أن اهلها ذوى علم، وتظهر فيه نفس الفتاة (اي والله هي زااااتها وكما أخاف الكضب بي نفس طر حتها الفي التسجيل الأول)!! ظهرت وهي تقرأ الفاتحة بفصاحة وتدعي أنها في التسجيل الأول كانت ملخومة!!
بغض النظر عن هذا التناقض الشاسع بين المقطعين، وبعيداً عن ذلك التهافت بين المعسكرين، المعسكر الأول الذي يصر أن وادي العروس بقعة مظلمة في خارطة العاصمة بل ووصمة عار على جبين المشروع الإسلامي الحضاري، والمعسكر الثاني الذي يظن أنها بقعة ضوء أُطفأت عنوةً بفعل فاعل لأغراض التشويه والتشويش وربما لأهداف أخرى، بعيداً عن هذا وذاك فإن كل من زار هذه المناطق (قرى وادي العروس) من أهل الثقة أكد تماماً بما لا يدع مجال للشك أنها بؤرةً للفقر المدقع، وحينما يدخل الفقر من الباب يولي العلم هرباً من أقرب نافذة!
أهلنا في قرى وادي العروس يحتاجون أن (يعيشوا) لأنهم خارج دائرة الحياة تماماً ويفتقدون أبسط مقوماتها، فهل تكفي نفرةً واحدة لإنتشالهم من مستنقع الفقر والجهل؟؟ وهل كل ما يحتاجونه هو تحفيظهم سورة الفاتحة؟ وكم من منظقة يا تُري في أصقاع السودان الشاسع ترتدي مثل هذه الحلة المتلطخة؟
همسة: إن كان ما شاهدناهُ فيلماً فهو فيلم سيئ الإخراج وإن كان هذا واقعاً (الترابة في خشمنا) ووالله إننا لمسئولون يوم القيامة عن هذا!!