عبد الجليل سليمان

احتفائية بشيخ أنتا ديوب

ومن أهم المفكرين الذين أحدثوا انقلابياً مفاهيمياً كبيراً في أفريقيا المفكر السنغالي العظيم بروفيسور (شيخ أنتا ديوب)، وهو رجل يملك خيالاً فذاً وعقلاً متقداً ومواهب لا نظير لها، فكتب في التاريخ، الانثروبولوجي، الفيزياء، والسياسة، مسخراً كل إمكانياته في سبيل تقدم ورخاء أفريقيا، ولعل كتابه الموسوم بــ (الوحدة الثقافية لأفريقيا السوداء) (The cultural unity of black Africa)، كان ملهماً لكثيرين، بينهم أنا، العبد الفقير إلى ربه.
وربما بعض تأثير هذا الرجل الأفريقي العظيم، هو الذي مضى بي إلى هذا الاعتزاز المصحوب بأنفة وكبرياء بأفريقيتي، وهو الذي عضد انتمائي لهذه البلاد الرائعة ولشعوبها الفذة، وهو الذي حررني من تعقيدات كثيرة، وحلّ عنيّ قيوداً لا زالت تكبل آخرين، فصرت وكأنني أفرد جناحي وأطير.
ليس مثلك يا أنتا ديوب من جعل القوى الأكاديمية الضاربة والضارية في فرنسا ومصر تخضع لسلطانك الأكاديمي وتحترمه، وها هم رويداً رويداً يعترفون أن أفريقيا هي مهد البشرية (غصباً عنهم)، فسلطان العلم لا يُعلى عليه، وأنت من وضع الجميع في هذا (السياق).
وأنت من وضعني (لاحقا) على صراط الشاعر النيجري (جون بيبر كلارك)، أو ليس هو القائل: “يا أهلي! لا تغالوا في المغامرة فقد تجدون أنفسكم مسجونين داخل اللغز/ الذي سعيتم لكشفه/ حسبكم الآن أن تعرفوا أن كل يوم نعيشه يعلمنا لماذا بكينا ساعة الميلاد”.
وأنت الذي ألهمتني الطريق إلى الكيني (جاريد أنجيرا)، فرأيت معه “في السماء قوس قزح مائلًا وفي الطريق لمع سراب وسرعان ما اختفى فتذكرتُ أحلام الليلة الماضية/ أرادت أن تحصل على أحسن ما في الكون.. فتذكرتُ الضعفاء ومسلوبي الحقوق/ سألتني لماذا تركتُ حياتي تسقط في المنحدرات/ فتذكرت ما لا يحصى من القبور في الوادي المهجور”.
وأنت الذي هديتني إلى غناء (ماكيبا وكي داد وكاديجو و….. إلى آخر القائمة)، ثم إنك قلت لي أن الفراعنة هم نحن، وقلت لي على لسان الشاعر الزيمبابوي الفذ (دامبودزو ماريهيرا): إنني مائدة صنعت بمعجزة حروق التبغ وبقع النبيذ؛ عاجلا أو آجلا يلعب المقامر الهرم لعبته ويقامر على حفل تأبين يليق به.