(يا نارُ كوني برداً وسلاماً على “إبراهيم”)!!
أجمع الكل على طهارة ونظافة وعفة البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” بل نال ثقة البرلمان بنسبة كبيرة جداً ليتربع على رئاسته بدون منازع أو معترض أو شامت أو غير راضٍ.
فالبروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” من الزهاد في المناصب قبل أن تأتيه الوزارة تجرجر أذيالها، كان يمنح الوزارات للأشخاص كان يعين من يرى فيه الطهر والنقاء والتفاني والإخلاص، فيما يرفض أن يعتليها رغم تكالب المتكالبين عليها. ظن البعض أن البروفيسور “إبراهيم” عجوز ولابد أن يفسح المجال للشباب، ولا يدري أولئك أنه أول من رشح الشباب للوزارة من داره، كان يوجد الدكتور”كمال عبيد” والدكتور “أحمد مختار” و”عبد الماجد هارون”، كل الشباب كانوا يقصدون داره يحبهم ويحبونه. لقد شاهدت العديد منهم قبل عشرات السنين يجلسون إلى جواره يستمعون إليه ويستمع إليهم.
لقد عرفت البروفيسور “إبراهيم” قبل أن أعرفه جاراً يفصل بيننا مجرى مائي، عرفته لأول مرة وأنا أهم بإجراء حوار سياسي معه عندما كان وزيراً للتعليم العالي وأنا صحفي بصحيفة (الأنباء) التابعة للدولة.. التقيته بمجلس الوزراء واتفقنا على الميعاد وفي الزمن المحدد ذهبت إلى الوزارة وانتظرت عدة ساعات، ووقتها كان الفريق “طه عثمان”، مدير مكتب رئيس الجمهورية حالياً ،مديراً لمكتبه، يمتاز بالدعابة والأريحية والفكاهة. جاء إليَّ وقال لي البروف يعتذر لك يا “صلاح”، قلت له أرجع قل له “صلاح” انتظرك فترة طويلة على الأقل كان تدخله وتعتذر له، عاد الفريق “طه” إلى مكتبه، فخرجت عائداً إلى الصحيفة ،فكان معي تلفونه الخاص قبل أن تظهر (الموبايلات)، فاتصلت عليه مباشرة وقلت له يا بروف جئت حسب الميعاد وانتظرتك لأكثر من ساعتين، على الأقل كان تعتذر لي إذا شعرت بأنك لست قادراً على إجراء الحوار. ماذا قال لي البروفيسور”إبراهيم”؟ لقد كان مؤدباً في حديثه معي (والله يا “صلاح” لو أعرف مكانك لحضرت إليك الآن)، قلت له شكراً يا بروف لكن أنت الذي حدد المواعيد، وأنا التزمت بها، قال ما في مانع غداً نفس المواعيد، وبنفس المكان. وحضرت في اليوم التالي ووجدته في انتظاري. ومنذ ذلك الوقت أصبح البروف “إبراهيم” صديقاً لي أزوره في منزله ودائماً إذا أحسست أن هنالك قضية تحتاج إلى حوار سريع، كنت أذهب إليه في المساء فأصلي معه المغرب . ومن ثم أجري معه الحوار ولم يرفض لي طلباً قط.. وأذكر عندما توليت رئاسة تحرير (المجهر) فأجريت أول حوار معه فبعد أن هنأني بالمنصب قال لي صحيفة على رأسها أنت نحن ما خايفين عليها.
إن البروف “إبراهيم” رجل على خلق وصاحب تجربة كبيرة جداً في الحركة الإسلامية، ومن الزاهدين في نعم الدنيا ومن الصابرين على الابتلاءات. فقد تأثر بفقد نجله الأكبر “إسماعيل” ثم بفراق زوجته وابنته التي رباها ،ثم حلت عليه المصيبة الأخرى بوفاة شقيقته، فكلها ابتلاءات تحملها ولكنها زادت من عمره عشرات السنين. ولو جلس بجواره من كان من دفعته فلن تصدق أن الاثنين دفعة واحدة، ولكن هذه ابتلاءات الدنيا.
فنسأل الله له التوفيق والسداد ونسأل الله كما قال المولى عز وجل للنار: (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69).