عبد الجليل سليمان

مهما هم تأخروا

والخرطوم المتعالية، خرطوم السياسيين و(أحزابهم البائسة) وخرطوم المثقفين والصحافيين على قلة حيلتهم وهوانهم، وشح إنتاجهم، (تقوم وتقعد) حتى تتقطع أنفاسها جراء انتظار تشكيل الحكومة الجديدة – التي ربما تكون أعلنت – بعيد كتابة هذه المقال، لكن هذا لن يغير في الأمر شيئاً.
وفي سياق سعي هذا المقال بأن ينأى بنفسه عن جدل تشكيل الوزارة الجديده القائم على (فلان جاي وعلان ما جاي)، بمقدار أكبر من اقترابه مِنه باعتباره جدلاً لم ينتج حِراكاً حقيقياً وفعالاً بقدر ما أعاد في بعض جوانبه إنتاج الاحتفاء بـ(شخوص) لم يقدموا إبان توليهم حقائب وزارية غير الخطب العصماء، مقابل تكريس الصورة الذهنية التي تحط من أقدار البعض ياعتبارهم غير جديرين بتولي بعض المناصب، وهي صورة ذهنية تقوم في الغالب على تصورات ثقافية متوهمة عن منسوبي بعض الولايات من المرشحين لتولي وزارات أو مناصب قيادية، كونهم أقل كفاءة من الآخرين.
الراصد لهذا الجدل لا يفوته أن يلحظ وسط هذه (الهرجلة) المُعتادة، بروز مثل هذه الإشكاليات الثقافية على السطح، فلا أحد من المتجادلين (دق صدره) وتحدث عن برنامج وخطط وضعتها الوزارة المُحددة واستطاعت تنفيذها بنسبة (كذا بالمائة) خلال فترة تولي الوزير (الفلاني) حقيبتها، لأنهم في واقع الأمر لا يملكون معلومات كافية عن تلك البرامج (إن وجدت).
للأسف، ما يحتدم الآن من جدل يدور حول الشخوص فقط. هذا يصلح وذاك لا يصلح، وهذا كفء وذاك لا يمتلك كفاءة. لكن إذا سألت أحدهم عن معاييره التي قاس بها هذا (الصلاح وتلك الكفاءة) فإنه سرعان ما سيخرس ويصمت، لأنه لا يمتلكها. بالطبع لا يحتاج استشراف نتائج هذا الجدل إلى خيال جامح وتفكير وتحليل عميق، فلن يكون هنالك جديد، ولا مفاجآت.
وطالما أنهم سيأتون مُجدداً مع (تغيير) المواقع، فإن الحديث حول كفاءات يصبح ممجوجاً ولا معنى له، محض (كلام والسلام). لكن ما يصيب بالحزن والأسى أن لا أحد من منسوبي (الخرطوم المتعالية) ممن ذكرنا جادل في هذا الخضم المسمى توقعات تشكيل الوزارة الجديدة عبر استعراض برامج وخطط مرفقة بأرقام أنجزها هؤلاء الوزراء الذين سيأتون مجدداً أو عجزوا عن تنفيذها، لذلك فإنه ليست هنالك معايير حقيقية، فكل الذي يقال في هذا الصدد محض هراء.