حكومة شختك بختك
يرتبط حديثنا اليوم بمقال الأمس الذي تمنينا فيه أن يستفيد المؤتمر الوطني من خبرته الطويلة وتجربته في الحكم درساً مهماً حول ضرورة التحرر من قيد الولاء التنظيمي، وطالبنا الحزب الذي عين الآن 74 وزيراً ووزير دولة اتحادي واختار الولاة أن يحاول في ما تبقى من مناصب وزارية ولائية اعتماد معيار الكفاءة الفنية وحده فوزراء الولايات يمكن أن يكونوا أهم من الوزراء الاتحاديين لو كنا فعلا نريد لبلادنا أن تتجه لتنمية القرى والمدن وإحياء المشروعات التنموية الزراعية وإحداث نهضة في ولايات السودان المختلفة.
قلنا إن من الخطأ التعامل مع الدستوريين في ولايات السودان المختلفة على أنهم (فريق ناشئين).. في بلد زراعية وحيوانية وبلد أهم مواردها موجودة خارج الخرطوم.. نقول هذا الحديث بدرجة تفاؤل متواضعة جداً بأن يجد أذناً تصغى له ويجد والياً يخرج من جلباب المعيار التنظيمي ويقدم معايير الكفاءة الفنية.
نقوله ونحن نشاهد مواقف محبطة تجسد أزمة المحاصصة الحزبية مثل موقف حزب العدالة القومي الذي يرأسه التجاني السيسي، وهو يعلن تعليق شراكته مع الحكومة بسبب ما وصفه بتراجع الحزب الحاكم عن ما تم الاتفاق عليه بشأن حصة الحزب من السلطة على المستويين المركزي والولائي.
المحاصصة أصبحت أكبر معوق للانطلاق المطلوب في هذا البلد.. حين تصبح حصص تلك الأحزاب والحركات في السلطة بمثابة حقوق مطلقة بنظر أصحابها.. لا تقبل المساس بها.
والمشكلة الكبيرة أن معظم الأحزاب المشاركة في الحكومة والحركات الموقعة على اتفاقيات منحتها حصصاً في السلطة هي أحزاب فقيرة الكوادر أي لا توجد بها خيارات جيدة للمفاضلة بين عدد كبير من المرشحين للمناصب ثم اختيار أشخاص منهم من ذوي الكفاءة كما أن تلك الأحزاب المشاركة والحليفة للحزب الحاكم وبحكم أحجامها الصغيرة ونسبة مقاعدها أو حصتها الضئيلة في السلطة من غير المتوقع أن تقدم موقفاً مثالياً وتقوم باختيار كوادر مؤهلة من خارج بيتها التنظيمي وترشيحهم لملء مقاعدها لتحقيق مصلحة وطنية أكبر من مصلحتها الحزبية.. هذا هو المستحيل بعينه.
المشكلة كبيرة جداً ومعقدة.. وفي نهاية الأمر تحدث عملية الاسترضاء.. فيكون الشكل النهائي للجهاز التنفيذي خليطا من.. المعادلات التنظيمية الداخلية في المؤتمر الوطني مضافةً إليها تلك المحاصصات الحزبية للحلفاء، مخلوطة بمسحوق الاسترضاء.. فيخرج لنا جهاز تنفيذي على أحسن أوصافه أنها حكومة مصادفات وحظوظ.. و(شختك بختك) .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.