الرحلة السودانية الثانية لسد النهضة
هذه الرحلة هي الثانية التي تقوم بها الصحافة السودانية لإثيوبيا، وكلاهما في شهر رمضان المعظم فالتحية للصحافيين الذين تكبدوا المشاق في الرحلتين، وتحية للجهات المنظمة ومنها بكل تأكيد سفارة إثيوبيا في السودان والسفير المناضل العتيق أبادي زامو وصديقنا المستشار الصحفي للسفارة خالد ثابت، وتحية أيضا لوزارة الإعلام الإثيوبية وبالتحديد “مكتب الإعلام الخارجي” الذي يتميز بالدقة في عمله والإشراف على تنفيذ هذه الرحلات الكبيرة.
فاتني فضل المشاركة في الرحلتين ولكنني سجلت من قبل زيارة لموقع السد في معية عدد من المراسلين الأفارقة والإثيوبيين والأجانب إبان القمة الأفريقية الرابعة والعشرين، وبعدها كانت رحلة رائعة لتدشين القطار الداخلي لمدينة أديس أبابا، لقد كانت رحلة مذهلة فيها كبريات المحطات الدولية وعدد من المراسلين الذي يغطون الأحداث في شرق أفريقيا كلها وليس إثيوبيا فقط.
في الزيارة الرسمية للسيد وزير الدولة بوازرة الإعلام ياسر يوسف كنا معه في الوفد وشهدنا تفاصيل الزيارة والمباحثات الثنائية خاصة مع الوزير المفكر رضوان حسين، ومع مسئولي الإعلام في الاتحاد الأفريقي ومسئولي المفوضية السياسية.
حقيقة هنالك ما يمكن تبادله من خدمات إعلامية بين السودان وإثيوبيا، فالسودان بصحافته القوية ودوره الرائد في الوطن العربي يمكن أن يغطي ثلاثين دولة عربية “أو بعضها فيه مجتمعات ناطقة بالعربية”، وهذه مسألة لا يقف عليها إلا من طاف أفريقيا وتعرف على مناطق شمال الكاميرون وأجزاء كبيرة من حزام السافنا من تشاد إلى السنغال، والساحل الشرق أفريقي من الصومال إلى موزمبيق.
اللغة اللعربية والثقافة السودانية تحديدا لديها شعبية كاسحة في العديد من الدول حتى ولو لم تكن اللغة العربية فيها لغة رسمية أو حتى شبه رسمية في بعض المحافظات.
لدي إثيوبيا ما تقدمه للسودان، لأنها مقر الحراك الأفريقي وخلال المؤتمرات والقمم الأفريقية والإقليمية والدولية تتحول إلى إستديو كبير للإنتاج الإعلامي والبث المباشر، وكثيرا ما يتم دعوتي من فضائيات دولية أو عربية للإدلاء بتعليق على الأحداث فأجد نفسي في ما يشبه محطة بث مباشر في غرفة في فندق أو في زاوية أو ركن في مقر المؤتمر، ويحدث هذا أحيانا منتصف الليل، مع توفير الخدمات والتأمين، هذا الإلتحام المباشر تمرين وتدريب عملي للصحفيين السودانيين على الميديا الدولية واللغة الإنجلزية وأفضل بكثير من “رحلات لندن” الترفيهية التي أهدرت فيها أموال طائلة، أنا شخصيا لم أكن عضوا فيها طيلة زمان تنفيذها، وكنت متحسرا على فواتها آنذاك، ولكن بعدما رأيت حصادها “الهشيم” وقارنته بما تسنى لي بالمكابدة والمشقة في الإقتحام والالتحام المباشر في عواصم قريبة وبعضها بعيد وفقير وغير آمن، حمدت الله كثيرا على فضله ونعمائه، وتملكني يقين أن أي إعلامي لا يبني نفسه بنفسه وينتظر الآخرين يدللونه ويهزونه في المهد مثل الصبي لن يفلح أبدا.
العديد من الصحفيين السودانيين حضروا المفاوضات بين الحكومة وقطاع الشمال أو المفاوضات بين السودان وجنوب السودان، وصارت علاقاتهم بأديس أبابا وإثيوبيا مباشرة تماما وبدأوا يكتشفون ما ذكرته، كما بدأوا يتلمسون معالم النجاح في تجربة اقتصادية رائدة استطاعت باقتصاد زراعي غير نفطي أن تحقق نسبة النمو الأعلى في إفريقيا وتقدم نموذجا مذهلا في مكافحة الفقر والذي انخفض من نسبة تجاوز الأربعين في المئة إلى النصف تماما، كما يواصل الانخفاض وفق خطط سليمة ومدروسة.
التحية مجددا للشقيقة إثيوبيا وللسيد رئيس الوزراء هايلي مريم ديسالين، والذي جدد إبان لقائه بالصحفيين السودانيين موقف إثيوبيا المبدئي والثابت ضد إستهدافما يسمى بالمحكمة الجنائية الدولية للسودان حكومة وشعبا ورئيسا.