عندما تتبنى الحكومة خطاب المعارضة.. ماذا نفهم
حين تردد الحكومة أو الحزب الحاكم نفس الخطاب الذي تتبناه المعارضة فإن ذلك يعني، إما أن الحكومة حكومة واقعية وتقر ببعض الفشل كخطوة أولى وعملية في اتجاه الإصلاح، وإما أن يكون ما بينها وبين المعارضة مجرد سوء تفاهم لا أكثر.. أو الاحتمال الثالث بأن المعارضة ليست لديها فكرة أو مشروع أكثر من القدرة على توصيف الواقع. هجمة النواب الشرسة على السياسات الاقتصادية للدولة، وتحميل سياسات الدولة مسؤولية إعادة صفوف الخبز والوقود والغاز، وحديثهم المنفعل عن معاناة الشعب السوداني التي وصفوها بأنها بلغت مبلغاً عظيماً زاد به الفقراء فقراً، ثم إقرار رئيس كتلة نواب الحزب الحاكم نفسه بأن الشعب السوداني يئن تحت وطأة الفقر.. هذه الغضبة البرلمانية من سياسات الدولة الاقتصادية (تخطف الكلام من خشم قوى المعارضة)، وتردد كل الذي تردده قوى المعارضة داخل أو خارج البلاد.. ويبقى الاختلاف الوحيد بين ما قاله نواب البرلمان وما يمكن أن تقوله محاضر كل اجتماعات قوى المعارضة هو أن نواب البرلمان طالبوا الحكومة في نهاية حديثهم بإصلاح الحال وإصدار قرارات عاجلة وتدابير سريعة لفك الضائقة المعيشية وتحسين أوضاع المواطنين بينما تكون نهاية اجتماعات القوى المعارضة داخل أو خارج السودان هي إصدار تصريحات تجدد فيها عزمها على إسقاط النظام عبر ثورة شعبية أو عمل مسلح! وفي اعتقادي أن واقعية خطاب البرلمان الذي يملك الحزب الحاكم أغلبية مقاعده تجعل أي حديث عن معاناة المواطن يصدر من المعارضة بعد اليوم هو حديث غير ضروري لأن المعاناة التي يعيشها المواطنون يقر الحزب الحاكم نفسه بها، ويقر نوابه بتسبب السياسات الاقتصادية في خلق تلك المعاناة ويقرون ضمنياً بوجود تجاوزات ووجود فساد حتى لأنهم يتحدثون عن تفعيل الدور الرقابي وإقرار مبدأ المحاسبة ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب كإحدى وصفاتهم للحل. هل هناك سوء فهم فقط بين الحزب الحاكم والقوى المعارضة؟ السؤال مشروع لأن الخطاب السياسي أقرب لأن يكون متشابهاً في توصيف حالنا البائس.. لكن الخلاصات أو الحلول المطروحة هي المتباينة. ولو وضعنا أنفسنا في خانة المراقب المحايد سيكون هناك سؤال موضوعي الآن هو هل أهل السودان أو نخبه الحاكمة والمعارضة تمتلك أي حلول لأزمة الاقتصاد ومعاناة المواطنين والضائقة الاقتصادية الحادة التي تعيشها البلاد؟ هل مالك عقار لديه الحل الاقتصادي الذي لا يمتلكه بدر الدين محمود مثلاً وما هو؟ وهل الصادق المهدي يعرف مخرجاً لا يعرفه دكتور نافع وما هو هذا المخرج؟ وهل عرمان والخطيب والحلو ومناوي وعبد الواحد وكل معارض أو متمرد لديه حلول أكيدة للمشكلة التي تعيشها البلاد..؟ من حقنا أن نشك في ذلك.. هل يعلم هؤلاء أن سوريا التي احترقت الآن تماماً وضاع فيها الأمن والاستقرار بالكامل لا تزال تصدر الفاكهة والخضراوات لدول الخليج إلى يومنا هذا..؟! شوكة كرامة لا تنازل عن حلايب وشلاتين