الطاهر ساتي

السجال الضار ..!!


:: بورشة إستعرضت نتائج الدراسة الميدانية و مراجعة الإطار القانوني لختان الإناث، نظمها مركز دراسات المجتمع (مدا)، بالتعاون مع منظمة اليونيسيف طالب بعض أهل القانون بسن تشريعات تمنع ختان الإناث .. قانون الطفل لم يمنع ختان الإناث، ولكن القانون الجنائي يمنع الختان الضار وهو المسمى بالفرعوني..هكذا الوضع القانوني لعادة ختان الإناث على المستوى الإتحادي..علمأ بأن المادة 13 في قانون الطفل كادت أن تمنع ختان الإناث، ولكن تم إلغاء المادة في مرحلة (مجلس الوزراء)، وذلك بعد الإتكاءة على فتوى صادرة من مجمع الفقه الإسلامى تحرم فقط الختان الفرعوني أما ( السني فلا)..!!
:: وعليه قانون الطفل يتوافق مع الفتوى بعدم منع الختان السني، وكذلك يتوافق مع القانون الجنائي بمنع الختان الفرعوني..هكذا الوضع القانوني لقضية ختان الإناث، و يمكن وصفه ب ( وضع معقد جدا)..وهذا ما يؤرق وزارة الصحة و الجمعيات والمنظمات العاملة فى مجال محاربة ختان الإناث.. تلك الجهات وغيرها كانت تحارب ختان الإناث بوسيلتي الترغيب والترهيب ، وكانت تلجأ إلي ذاك النص، والغاء النص يعني إلغاء أقوى (وسيلة ترهيب)..مع الأخذ فى الاعتبار بأن النص الذي يمنع ويحرم الختان الفرعوني في القانون الجنائي(حمال أوجه)، ولا يؤخذ به كثيرا، وليس من السهل تحديد نوع الختان – سنيا كان أوفرعونيا – في الإطار القانوني ..!!
:: والختان في المجتمع السوداني لايتم بموافقة ولي أمر الطفلة فحسب، بل بأمره..وبالتأكيد لن يتحمل ولي الأمر خطأ القابلة أوالطبيب فى حال أن تأتي النتيجة بختان ضار، وكذلك لن يحمل القابلة أوالطبيب ذاك الخطأ..هكذا الواقع فى السودان الماهل، علينا الاعتراف به، وكذلك الاعتراف بأن عدم ختان الإناث في الثقافة السودانية ( مسبة)..وهذا يعكس مدى تمسك ثقافة المجتمع بعادة ختان الإناث، سنية كانت أو فرعونية ..وبالمناسبة، حتى السجال حول (السنى والفرعوني) يرسخ عادة الختان في المجتمع، وللأسف هو ( سجال نخب)، ونوع من السجال الضار..!!
:: وعليه..في محاربة عادة راسخة كهذه يجب على المحاربين عدم الإتكاءة على نصوص المنع والتحريم ومواد العقاب وكل وسائل الترهيب ..وكثيرا ما رصدت الصحف مداهمات لبعض البيوت التى فى عقرها كانت تتم عمليات الختان سرا، هنا في العاصمة..ليبقى السؤال إن كانت تلك بيوت كشفتها الجهات، فكم مثلها لم تكتشف بعد في طول البلاد وعرضها..؟..وهل الأوكار هى المكان المناسب – صحيا – لمثل هذه العمليات؟..وأين مكمن الخطورة، فى ختان – أيا كان نوعه – يتم تحت سمع وبصر السلطات الصحية أم فى ختان يتم فى الأوكار؟.. هكذا تصبح الأسئلة مزعجة حين نراهن على قوانين المنع والعقاب فى محاربة ختان الإناث.. فالغاية نبيلة، ولكن تفسدها الوسيلة غير المناسبة..!!
:: ولذلك، كما ذكرت أميرة الفاضل – مديرة مركز دراسات المجتمع – في الورشة، فبجانب السعي نحو إصلاح القوانين وتقوية الأجهزة الرقابية وتوجيه القابلات وتثقيفهن بمخاطر الختان، فأن بث الوعي في المجتمعات الريفية هو أنجع وأنجح وسيلة لمحاربة الختان..نعم بث الوعي وتذكير الناس بمخاطر الختان على صحة الطفلة وحياتها حين تصبح ( أماً).. حملة سليمة التي أشرفت عليها أميرة الفاضل كانت ذات تأثير إيجابي في المجتمع.. ومثل هذا العمل ما يجب أن يتواصل ..!!