الطاهر ساتي

تلك الترعة ..!!


:: مشروع مد ولاية البحر الأحمر بمياه النيل..مشروع إتحادي.. ميزانيته ( 450 مليون دولار)، وفترة تنفيذه – على طول 470 كلم – لا تتجاوز ( 18 شهرا)، حسب العقد الموقع عليه الدكتور عوض الجاز، وزير المالية الأسبق، قبل خمس سنوات ونيف..وميزانية هذا المشروع الإستراتيجي (قرض صيني)، فالشركة المنفذة هي ذات الشركة الممولة..ودفعت حكومة السودان مكونها المحلي المسمى بالمقدم – 47 مليون دولار – في عام التوقيع على عقد التنفيذ..وبعد دفع المقدم، تم التصميم الهندسي للمشروع و إنشاء معسكرات العمالة وجلب المعدات، ثم شراء الساقية التي تضخ منها المياه بقرية الهديبة بنهر النيل، أوهكذا أثبتت الشركة المنفذة جديتها ..ثم طالبت الشركة وزارة المالية الإتحادية بخطاب ضمان يحفظ حقوقها..!!
:: وعند تلك المطالبة، تلكأت المالية الإتحادية في إصدار خطاب الضمان بأعذار واهية، ثم رفضت بلا تبرير..ومنذ مارس 2011، يوم التوقيع على عقد تنفيذ المشروع، وحتى الفاتح من يناير هذا العام، لم يكن للأهل بالبحر الأحمر هتافاً أمام رئاسة الجمهورية وحكومة الولاية غير الهتاف المطالب بتنفيذ مشروع مياه النيل.. وللأسف، قضية مياه النيل هي التي كانت تهزم – سنوياً- كل إنجازات حكومة طاهر ايلا بالبحر الأحمر، وكانت تفسد على أهل البحر الأحمر فرحتهم بالمشاريع الأخرى التي إجتهدت حكومتهم في تنفيذها بصدق وإخلاص..وغادر د. طاهر ايلا البحر الأحمر تاركا في نفوس أهل الولاية ( شئ من حتى)، لأن مراكز القوى المركزية وأدت حلم مشروع (مياه النيل)..!!
:: واليوم بولاية الجزيرة، يُدخل طاهر ايلا نفسه وحكومته الولائية – طوعاً وإختياراً – في مقبرة مركزية أخرى مسماة – مجازاً – بمشروع الجزيرة..( نجاح أو فشل مشروع الجزيرة سيكون مسؤوليتي المباشرة، على رغم من تبعيته لسلطات الحكومة الإتحادية)، طاهر ايلا مخاطباً بعض أهل الجزيرة – في إفطار رمضاني – بمنزل السيد أمين عبد اللطيف..تصريح غير موفق، لأنه وعد صادر من لايملك سلطة إدارة وتشغيل هذا المشروع..نعم، ما كان على طاهر ايلا أن يرهن نجاحه بالجزيرة بنجاح هذا المشروع و خاصة أن السلطات والقوانين المركزية هي ذات السلطات والقوانين المركزية.. !!
:: بالجزيرة، لا يزال بعض أهلها يشربون المياه الملوثة – مع الأنعام – من حفائر.. ولايزال بعض التلاميذ الجزيرة يفترشون الأرض (إجلاساً)، وينقصهم الكتاب والمعلم و جدار المدرسة والفصل..ولايزال أهل الجزيرة يتكبدون مشاق السفر ويتزاحمون في مشافي الخرطوم.. ولاتزال صحة البئية بمدائن الجزيرة وأسواقها مصادراً للموت والأمراض ..ولاتزال المبيدات الفاسدة بمخازن المشروع ترسل ضحاياها إلى مشافي الذرة و الفشل الكلوي..وكانت الجزيرة مركز السودان الثقافي والرياضي، وكانت عاصمتها تستقبل زائرها بشعار (إبتسم أنت في مدني)..!!
:: تلك – وما خفي في دهاليز إدارة المال العام – هي القضايا الولائية التي تؤرق أهل الجزيرة وتنتظر حكومة الجزيرة الولائية، وحلولها – باذن الله – ليست بعصية على حسن إدارة واليها..والرجاء، ما لم يتم تعديل قوانينها وسلطاتها بحيث تصبح ( ترعة ولائية)، فعلى الوالي طاهر ايلا ألا يغرق في ترعة مشروع الجزيرة ذات التحالفات المركزية المتصارعة..تلك الترعة أطاحت بالكثيرين، ولاة و وزراء ..فانجز ولائياً، وهذا ما يعنيك، لتبقى الترعة رمزاً للفشل المركزي، أي كما مشروع ( مياه النيل) ..!!