ثغرة البيوت ..!!
:: فوج طلابي آخر، من جامعة خاصة أيضاً، يغادر الخرطوم إلى تركيا ليلتحق بتنظيم الدولة الإسلامية ( داعش)..( 12 طالباً)، ومنهم (11 طالباً) يحملون جوازات سفر أجنبية..وحسب تقرير زملياتنا لينا يعقوب، بعدد الأمس، كلهم يدرسون الطب بالجامعة الخاصة .. وتعليقاً على الخبر، كالعادة، في مواقع التواصل الإجتماعي، فالبعض ينتقد الجامعة الخاصة و البعض الآخر ينتقد المناخ السياسي، وما هذا المناخ وتلك الجامعة إلا بمثابة ( الحيطة القصيرة) ..!!
:: نعم، يُخطئ من يختزل شباب تنظيم الدولة الإسلامية في هؤلاء الطلاب فقط، أو في حرم هذه الجامعة الخاصة فقط، أو في مناخ السودان السياسي فقط .. فالتنظيم أكبر من كل هذا، وأوسع إنتشارا من كل هذه المساحة، جامعة خاصة كانت أو سياسة وطن.. و الجدير بالتأمل في الفوج الأخير أنهم جميعاً – ما عدا طالبة – يحملون جوازات سفر أجنبية، أي تربوا وإنتظموا خارج السودان ومناخه السياسي وجامعته الخاصة.. ويُخطئ من يظن أنه يعيش في مدينة فاضلة ويتفاجأ بغزو فكر كهذا، وكأن سماء بلادنا ملبدة بغمام الوعي..فما نحن إلا بعض بشر (الكون القرية)، وما للبشر من أفكار (لنا أيضاً)، وماعليهم من أفكار متطرفة (علينا أيضاً )..!!
:: فالأفكار لم تُقسم على (أسس جغرافية) بحيث نلطم الجامعة والبلد ونرجمها في (قضية كهذه)، وكذلك لم يعد مجديا تنظيم أشعار الفخر في بقية الجامعات والأوطان وكأنها ( معافاة)..فالواقعية خير لا بد منها، وبها تنظر العقول إلى كل قضايا الحياة..وعليه، كما قلت قبل أشهر، مع لعن المناخ السياسي وشتم الجامعة الخاصة ، لاتنسوا – أيها الأب وأيتها الأم – فضيلة التقرب إلى إبنك وإبنتك بالحوار و النقاش و(بناء الثقة)..نعم، فالتربية السوية مسؤولية الجميع، ولكن لأسرة هي التي تغرس بذرة ( التربية السوية)..ثم يأتي دور المدارس والمناهج والمجتمع والمناخ السياسي ..فالبداية، وهي الأسرة، هي الجديرة بالنقاش ..!!
:: وما لم تكتمل كل حلقات المسؤوليات لحد التشابك والإحاطة حول الشباب بالتوجيه والإرشاد، فلا نتوقع في الحياة غير المزيد من الهجرة إلى داعش، و(غير داعش)..بل، قد يتحول كل الوطن إلى داعش .. فأسألوا أنفسكم في لحظة صفاء، متى قصدت مدرسة وجامعة ابنك أو ابنتك بغرض السؤال عن الحال الأكاديمي والمناخ التربوي؟..ومتى خرجت بهم خارج مدينتك أو قريتك بحيث تجمعكم بهم إجازة تقوى رباطكم وتبعدكم عن المؤثرات الأخرى؟..وكيف وكم ساعة تقضيها معهم يومياً، بحيث يفقدك – إبنك وإبنتك – إذا غبت عنه في الميعاد؟..وماذا تعرف عن أصدقاء إبنك وصديقات إبنتك..؟؟
:: وهل فكرت – كولي أمر و مسؤول أول- في تنظيم برنامج يوم (إبنك وبنتك)، بحيث تعرف موعد الدراسة، وميقات النوم، وساعات الترويح ومكانها وكيفية قضاؤها؟..وهل يرافقوك إلى المسجد دائماً، وهل ترافقهم أحيانا إلى أنديتهم ومراكزهم ومجالسهم؟..وهل تناقشهم وتحاورهم في مختلف قضايا الحياة وأفكارها بأريحية وشفافية؟..وهل علاقتك بابنك وبنتك علاقة صداقة أم قهر أم لامبالاة؟.. فالإجابة هي التي ترسم مسار إبنك وبنتك إن كان مساراً إلى ( فكر داعش)، أو مساراً إلى أي فكر آخر..وعليه، قبل أن يغادر الفوج الثالث، تحسسوا ( أُسركم أولاً )، وسدوا ثغور بيوتكم..ثم إنتقدوا ما حولها، جامعة خاصة كانت أو مناخاً سياسياً..!!