حول شقاء المحروسة
من الخطأ التعامل مع مقولة (العنف يولد العنف) باعتبارها مقولة تبريرية تعطي رخصة لأي طرف لممارسة الفوضى والاغتيالات.
عملية اغتيال النائب العام المصري هشام بركات بتفجير موكبه هي جريمة لا يقرها أي شرع ولا دين.. ولو كان هناك تعاطف من الكثيرين مع المجموعات المعارضة في مصر أو اعتقاد بأن ظلماً يُمارس ضدهم فإن مثل هذه الجرائم تتسبب في تضييع هذا التعاطف بشكل كامل..
هذه الجريمة النكراء التي حدثت في القاهرة أمس لا تحقق لجماعة الإخوان المسلمين أي مكسب بل بالعكس تماماً هي تخصم الكثير جداً من نقاط التعاطف معهم في الشارع العربي والإسلامي وتحيلها إلى رصيد الطرف الآخر.
هذه هي الحقيقة والمطلوب من قيادات الإخوان المسلمين أن يتبرأوا تماماً من علاقتهم بما حدث وبما يحدث من تفجيرات واغتيالات فليس هذا الأسلوب مبرراً أو مقبولاً في كل شرائع الدنيا.
لكن وفي الوقت نفسه يستوجب الأمر على حكومة السيسي ونظامه الوعي بخطورة الواقع المظلم الذي تتجه نحوه مصر بخطوات متسارعة..
عليهم أن ينظروا إلى ما حولهم جيدا ويتعمقوا في النظر إلى الواقع الخطير في العراق وسوريا وليبيا واليمن والتفجيرات العاصفة التي لا تعرف الحدود ليدركوا حجم سوق الدماء ومزاداته المفتوحة وسماسرته من دول الغرب التي تسعى لتغيير خريطة المنطقة وتوظيف حالات الاحتقان السياسي والطائفي الحاد لصالحها.
على قادة مصر أن يراجعوا أنفسهم ويراجعوا سياساتهم بشكل كامل ويفسحوا المجال لمبادرات مصالحة وطنية شاملة مهما يكن ثمنها لأنها هي المسار والخيار الوحيد لاستعادة الاستقرار في مصر.
الاعتماد على الحل الأمني والرهان على المشانق والزنازين يعقد المشكلة ويصب الزيت المتفجر على نيرانها المشتعلة أصلاً..
مصر لم تعد تلك المحروسة الآمنة والمؤمنة.. بعد أن مستها عدوى التفخيخات والتفجيرات والاغتيالات..
ليس أمام السيسي الذي يقود مصر حالياً سوى تحرير أذنه من أصوات أولئك الذين يتناوبون عليها بكلمات التحريض والتأليب والفتنة، فهؤلاء لا يريدون خيراً بمصر ويبحثون عن مصالحهم الخاصة ولو ظلت القيادة المصرية الحالية تنصت لهؤلاء ستجد نفسها بعد وقت قصير لا تحكم مصر بل تجلس على أكوام من الرماد.. أو تجلس على تلِّها.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين