مأتم عزاء جديد للصحافة في عهد هشام
مجلس الصحافة هو المؤسسة الإشرافية الفنية المسؤولة عن العمل الصحفي في السودان، هو الذي يمنح التراخيص للصحف وفق شروط ومعايير محددة وهو المختص باعتماد قيادات العمل الصحفي بجانب دوره في تطوير هذه المهنة من حيث الشكل والمضمون، وبالتالي فإن علاقة المجلس بالمؤسسات الصحفية ليست هي علاقة الحارس الرقيب أكثر من كونها علاقة الخبير الداعم للمؤسسات الصحفية والمحفز لها للانطلاق والتطوير فهو المعني برفع مستوى الأداء ورفع مستوى الممارسة وحماية المؤسسات الصحفية مع توفير الأمان الوظيفي للصحفيين العاملين في تلك المؤسسات الصحفية.
وحين تم تعيين الدكتور هشام محمد عباس أميناً عاماً لمجلس الصحافة والمطبوعات مؤخراً استبشر الكثيرون بهذا الوجه الجديد وتفاءلوا خيراً بمجيئه كمسعف لحال الصحافة السودانية التي تواجه مؤسساتها تحديات اقتصادية قاسية وتتكبد خسائر يومية كبيرة بسبب ارتفاع كلفة إنتاج الصحف وارتفاع مدخلات صناعتها في ظل شروط تنافسية جديدة عند القارئ السوداني على مستوى الشكل وجودة الطباعة.
كان المرجو من دكتور هشام أن يقف إلى جانب الناشرين وينتزع من الدولة دعماً لمدخلات النشر مثلما تفعل معظم الدول الأخرى التي تقدر حجم تحديات النشر وأهمية الصحافة تقديراً عملياً.
وكان المرجو من مجلس الأستاذ فضل الله محمد والدكتور هشام أيضاً أن يسهم في معالجة سوء الفهم بين الصحافة والسلطة الذي تعبر عنه إجراءات التضييق على الصحف وضياع معايير الممارسة المهنية الآمنة بسبب سوء الفهم هذا.
كان المرجو منه ومن المجلس الجديد الكثير جداً في استرداد حق الصحافة الاعتباري وحث الدولة على تقدير واحترام دور الصحافة والتأسيس لحريات صحفية لا تنال منها مزاجية السلطة.. حيث كثر تلويح الصحفيين بشعارات تقول (صحافة حرة أو لا صحافة).
وإذا بأمين عام مجلس الصحافة يفاجئ الجميع بنوع القرارات الشفاهية مبهمة الحيثيات التي كان الوسط الصحفي ينتظر منه هو ومن المجلس الجديد أن يتصدى لها ويؤسس لمسار جديد لعلاقة الصحافة بالسلطة.
قرار إيقاف صحيفة إيلاف الاقتصادية ومهما تكن أسباب هذا القرار فإن أول وأهم مشكلة محبطة للصحفيين لازمت هذا القرار هي الطريقة التي تم بها تنفيذه قبل إبلاغ الناشر الدكتور خالد التجاني به.
إذ فوجئ ناشر إيلاف بالدار الطابعة لصحيفته تخطر مندوب الصحيفة فجر يوم الأربعاء الماضي بتلقيها خطاباً رسمياً بعدم طباعة الصحيفة إلى حين إشعار آخر، من دون إبداء أي أسباب!!
هذه الجزئية غير المبررة وحدها تجعلنا ننزع كل قوائم خيمة الأمل والتفاؤل بمجيء دكتور هشام وننصب في مكانها خيمة إحباط ومأتم عزاء جديد في حال الصحافة في المرحلة القادمة.
سقطت وتهاوت عندنا كل أعلام الـ (تبخّت) والتفاؤل بهذا الأمين العام الجديد لمجلس الصحافة والمطبوعات، حتى ولو تم التراجع عن هذا القرار في ما بعد دون أن يعتذر بالكامل عنه ويتعهد بعدم حدوث مثل هذا الذي حدث.. لقد أجبرنا دكتور هشام على أن نجلس في المدرجات المقابلة لمجلس الصحافة ونحتفظ بمسافة كافية تفصلنا تماماً وتبرئنا من دعم ومساندة المجلس حتى إشعار آخر.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين