يوسف عبد المنان

علامات استفهام!


مع انعقاد كل دورة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف أو اقتراب موعد تقديم المبعوث لتقريره.. تحدث في الخرطوم أشياء غريبة لا تجد لها تفسيراً إلا وجود مؤامرة على السودان تنفذها جهات في الداخل على صلة وثيقة جداً بالخارج على الأقل من حيث تطابق المصالح وتكامل الأدوار.. عندما أُثيرت قضية الفتاة الإثيوبية التي قيل إنها ارتدت عن الإسلام .. بحثت وزارة الخارجية عن كيفية تقديم بلاغ الردة وأصل النزاع وكيف صدر الحكم من المحكمة الابتدائية.. لم تجد وزارة الخارجية حسب إفادات د. “عبيد الله محمد عبيد الله” وزير الدولة بالخارجية حينذاك، وحتى اليوم لم تجد إجابات واضحة عن الجهة التي لها مصلحة في إدانة الطبيبة المرتدة عن الإسلام .. وتكشف لاحقاً أن الفتاة إثيوبية الأصل ولم تعتنق الإسلام يوماً في تاريخها.. وتعاني من مرض نفسي .. لكن الغرب تدخّل بثقله في القضية وتم استقبال المرأة في الفاتيكان ومنحت حق اللجوء في الولايات المتحدة الأمريكية.. وانتهت القضية بهزيمة ماحقة للحكومة السودانية وتشويه صورتها داخلياً وخارجياً.. وفي رمضان قبل الماضي كانت الصحافية “لبنى أحمد حسين” هي الشاهد والضحية في قضية البنطال الشهير.. حصدت الصحافية “لبنى” ثمرة (الجوطة) التي حدثت لجوءاً سياسياً في فرنسا.. وجعلت من نفسها ضحية للنظام الإسلامي المتطرف في السودان على حد وصف الغرب، وكل ما أثير عن قضية “لبنى” تم بتخطيط مسبق من جهات في الداخل تمزق أحشاء الحكومة بإدعاء الحرص عليها .. وترتكب موبقات كبيرة لصالح جهات في الخارج.
الآن يتواجد وزير الدولة بالعدل مولانا “أحمد أبو زيد” في جنيف للدفاع عن ملف السودان في مجلس حقوق الإنسان، ولكن فجأة يتم إلقاء القبض على اثنتي عشرة فتاة من جبال النوبة خرجن من كنيسة في بحري بعد أداء صلواتهن، وجاء في حيثيات القبض على الفتيات المسيحيات أنهن يرتدين ملابس فاضحة وغير محتشمة وبموجب قانون النظام العام يتم تقديمهن إلى المحاكمة.. ويصدر القاضي قرارا ًبتأجيل صدور الحكم إلى الأسبوع القادم.. وتبدأ حملة في الخارج على الحكومة السودانية بدعوى أنها تضيق على حريات المسيحيين وتستهدف الفتيات من النوبة النازحات إلى الخرطوم بسبب الحرب التي تدور في الإقليم.. من ألقى القبض على الفتيات يعلم يقيناً أن مثل هذه القضايا لا تبلغ نهاياتها و(تتمنى) جهات في الداخل والخارج أن تصدر أحكام بجلد الفتيات أو حبسهن في السجون لأن في ذلك انتصار لمخطط تجريم الحكومة السودانية. وقد نشطت أقلام المعارضة المسلحة في الخارج في التنديد بواقعة توقيف الفتيات المسيحيات من جبال النوبة.. وسوّد “ضحية سرير توتو” صفحات المواقع الالكترونية بهذيان وعويل وذرف الدموع على الحادثة .. وكتب د. “عمر شريكان” الأستاذ السابق بجامعة الجزيرة مقالاً ينضح بالكراهية والأكاذيب في صحيفة نوبة تايمز.
إن ما يحدث من بعض الجهات التي تدعى حرصاً على الحكومة وما هي بذلك، يقدم طعماً جاهزاً للمتربصين بالسودان.. وليت السيد وزير العدل مولانا “عوض النور” المتخصص في قضايا حقوق الإنسان انتبه للمؤامرات التي يتم حياكتها في الداخل ومن خلال أجهزة إنفاذ وتطبق القانون وإطلاق سراح الفتيات اليوم قبل الغد وسحب الملف من المحكمة وإصدار توجيهات صريحة جداً للنيابات بالتدقيق في طلبات فتح البلاغات في القضايا (المشبوهة)، والتي مصيرها في الغالب التسوية بعد أن تؤدي دورها في تشويه سمعة البلاد .. فهل المؤامرة داخلية في الأصل قبل أن تخرج ما وراء الحدود؟