مبادرة المهدي وهمو العندو غالبو يشيلو
أخيراً ترك الصادق المهدي أمور السودان واتجه على ما يبدو (للاحتراف الخارجي) في الساحة السياسية المصرية، وهو يقوم بطرح مبادرة للمصالحة بين السيسي وإخوان مصر..
يطرح الإمام مبادرته الجديدة لتسوية الأوضاع السياسية المتفجرة في مصر في الوقت الذي لا تزال تنتظره طاولة الحوار السوداني الداخلي لمعالجة مشكلة ليست أقل من تلك التي تعيشها مصر إن لم نقل إنها أكبر منها بكثير..
والغريب في أمر المهدي أنه هو تحديداً يمثل طرفاً مهماً في معادلة التوافق السياسي الوطني في السودان أي أن موقفه هو شخصياً يمكن أن يغير الكثير جداً في الوضع العام في الساحة السودانية بينما لا يمتلك الصادق في القضية المصرية أكثر من القدرة على لعب دور الوسيط غير المتيقن من مدى ترحيب أهل الشأن بوساطته من الأساس، لأن أطراف الأزمة المصرية غير مهيأين الآن لتقبل أفكار الصلح ولم يطلبوا حتى الآن عوناً من أحد ولم يتواضعوا لخيار الحوار في ما بينهم.
الصادق اللاعب الأساسي في الساحة السياسية السودانية تذكرني مبادرته بأغنية الراحل محمد وردي ورائعة الشاعر الكبير أبوقطاطي :
شن بتقولوا
في الشايل هموم الناس وهمو العندو غالبو يشيلو
في الما راضي بالحرمان ولا راضي الحنان يمشيلو
شن بتقولوا
أفضل للصادق المهدي أن يكسب وقته ويوظف طاقته في التحرك الإيجابي لإنقاذ حال السودان والبحث عن مخارج للقضية السياسية السودانية التي استنفدت كل فرص التأزيم والتهويل والتصعيد والتعقيد ولم يعد أمامها خيار ومخرج غير التواضع للحوار والبحث عن سبل التوافق..
الصادق المهدي الذي ناشد السيسي العفو عن قيادات الإخوان المحكوم عليهم بالإعدام لم ينس أن يناشد أيضاً الطرف الآخر وهم الإخوان بالاعتراف بأخطائهم وبمحاولة عزل مؤسسات الدولة واستغلال السلطة لتطبيق مصلحتهم الحزبية فقط.
هذا المنهج في النصح المتساوي للطرفين لو طبقه الصادق المهدي في الحالة السودانية سيجد نفسه مضطراً أولاً لنصح حلفائه في الجبهة الثورية بالتخلي عن السلاح شرطاً لمواصلة تحالفه معهم وسيجد نفسه مضطراً للعودة السريعة إلى الخرطوم وإبداء الرغبة للمشاركة في الحوار حتى ولو كانت تلك المشاركة مشروطة بما هو ممكن وواقعي فالتوافق الوطني يتطلب تقديم التنازلات من كل الأطراف.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين