شيخ المشايخ
هو الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد, أحد مؤسسي حركة الإخوان المسلمين في السودان, وزعيمها لفترة من الزمن عندما إنتخب مراقباً عاماً للإخوان المسلمين بالسودان في الفترة من (1991- 2008) ليخلفه الشيخ العالم البروفيسور الحبر يوسف نور الدائم.
الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد كان- ولا زال- من قيادات العمل الإسلامي في السودان, لم تتطابق رؤاه وأفكاره مع رؤى وأفكار الشيخ الدكتور حسن عبد الله الترابي فإختلف مع الجماعة ليؤسس تنظيماً منفصلاً أطلقوا عليه إسم (الإخوان المسلمون).
مساء السبت السابع عشر من رمضان الحالي 1436هـ الرابع من يوليو 2015م, كرمت الدولة شيخ المشايخ في بيته بشمبات, كرمته وقاد وفدها الكبير, السيد رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير, وضم الوفد قيادات سياسية وتنفيذية ودينية وإعلامية وحزبية, فللرجل المكرم فضل في كل جانب, وله أدوار كبيرة في كثير من المجالات ظلت خافية على الكثيرين, بل إن بعضها لم يعلمه حتى أولئك الذين عاشوا بالقرب منه, وهو ما يستوجب الرصد والمتابعة والتوثيق, كما قال لي بذلك البروفيسور إبراهيم غندور وزير الخارجية, عندما كان يتحدث أستاذنا وأستاذ الأجيال البروفيسور علي شمو عن الشيخ الجليل الأستاذ صادق عبد الله عبد الماجد, وعن نشاطه في المحروسة مصر خلال دراسته هناك في مدرسة حلوان الثانوية ثم جامعة فؤاد الأول (القاهرة حالياً) وعن دوره الكبير في مساندة أحزاب وحدة وادي النيل.
سعداء هم أولئك الذين توجهوا بإختيارهم نحو منزل الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد, ليكونوا شهوداً على تكريمه المستحق, وكنت من بينهم لأن علاقتي بالرجل الكبير قديمة, منذ طفولتي, وكنت دائم التردد عليه في منزله بحي ود نوباوي مع سيدي ووالدي الأستاذ محمود أبو العزائم- رحمه الله- قبل أن ينتقل إلى شمبات, وكدت أحفظ تاريخه من خلال ما رواه لي عمي الأستاذ جبر عبد الرحمن المحامي, والد الأستاذ عبد الرحمن جبر الصحفي المعروف, فقد كان عمي- رحمه الله- من أبناء دفعة شيخ صادق, وحكى لي ذات مرة عن مبايعتهما للشيخ حسن البنا, مؤسس جماعة الإخوان المسلمين, وذلك في منتصف الأربعينيات, ولا أنسى عبارته التي قالها لي, وهي: (حسن البنا ده ساحر, لقيت نفسي مسحور وأنا بتابعه ثم أبايعه, أنا وصادق عبد الله)، لكن ردة عمي كانت أسرع مما يتوقعه أحد, فقد قال لي: (رجعت البيت ومشيت أعمل في البعمل فيه, ونسيت قصة البيعة كأني كنت مسحور ومفعول السحر زال.. لكن شيخ صادق ما زال لي هسه مسحور).
في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي وكنا في مرحلة الدراسة الجامعية, زرته في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية, وكان قد تزوج لتوه من السيدة الفضلى الأستاذة نفيسة عبد الرحمن, وكان رفيقي في تلك الزيارة أخي وصديقي الأستاذ كمال مصطفى يس, ضمن زيارات تواصلنا خلالها ومعنا صديقنا الأستاذ إبراهيم محمد الأمين الغبشاوي, وعدد من المعارضين السودانيين الذين إختاروا المملكة العربية السعودية مستقراً لهم إبان مطاردة نظام الرئيس الراحل نميري لهم رحمه الله, ومن بينهم الشيخ الأستاذ علي عبد الله يعقوب, والراحل المقيم السيد إسحق محمد الخليفة شريف الذي كان يعمل في رابطة العالم الإسلامي وقتها.
من سوء حظنا ومن سوء حظ الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد وقتها وجدناه يلملم في أمتعته القليلة داخل بيته البسيط في حي النزلة اليمانية بمدينة جدة, فقد إتفق النميري مع أهل الحكم في السعودية على طرد رموز المعارضة السودانية, وقرر الشيخ صادق أن يتجه إلى الأردن التي توجه منها بعد ذلك إلى الكويت.
الأستاذ عبد الرحمن الزومة إستمع لبعض مما رويته الآن فطلب إليّ أن أكتبه, مثلما طلب إليَ الأخ الكريم البروفيسور غندور أن نعمل على تسجيل تاريخ الشيخ صادق من أفواه مجايليه ومعاصريه وتلاميذه في مجالات الدعوة والفكر والسياسة والصحافة والتربية والتعليم وقد عمل الرجل أطال الله عمره معلماً لعدة سنوات وقام بتدريس اللغة الإنجليزية كما قال البروفيسور شمو ووصفه بالإنجليزي الأسود (Black English Man) لكن الرئيس البشير ضحك وقال له: (ما أسود.. خاطف لونين).