حتى يكون الحوار مجدياً
حتى لا تتحول طاولة الحوار الوطني إلى طاولة (كوتشينة) لتقضية الوقت أو طاولة جدل لا طائل منه أو مجرد لافتة لتوثيق واعتماد بيان وتوصيات مكتوبة بقلم واحد فإن الأمر يحتاج للكثير جداً من الجدية، وتكثيف الجهود لتليين مواقف الأطراف الممانعة والرافضة للمشاركة.. هؤلاء أهم من النواب المستقلين الذين يطالبون الآن بمقعد في الطاولة على طريقة (عودي راكب).. يجب أن تقيموا حواراً جاداً ومركزاً ومجدياً ودقيقاً في تحديد أجندة النقاش والنقاط التي تهدف الطاولة إلى معالجتها بحضور أكبر عدد من أهل الشأن والأطراف المعنية بهذا الحوار حتى لا تحدث عملية تشتيت لقضية الحوار وإعادة إنتاج للأزمة القائمة وكأنما يا زيد لا رحنا ولا جينا ولا جلسنا ولا تحاورنا..
المسافة الكبيرة الفاصلة بين موقف القوى المعارضة وموقف الحكومة تحتاج إلى عملا جادا ومركزا وشخصيات وسطية ذات صبر وإصرار وتتمتع بقدر من القبول وتكون ذات قدرة على التواصل مع الأطراف البعيدة وتنويع المداخل لإحداث اختراقات في مواقف الممانعين خاصة وأنه ومع كل صباح جديد تتباعد المسافات بين الأطراف السياسية المستهدفة بعملية الحوار الوطني نفسه..
لا أعتقد أن قرار آلية الحوار بتكوين لجنة يرأسها الطيب مصطفى للاتصال بالقوى الممانعة والرافضة للحوار، وإقناعها بالانضمام هي خطوة جادة أو مجدية في شيء، اللهم إلا إذا كانت الآلية تريد أن توثق فقط لخطوات وجهود شكلية تقول في ما بعد إنها كانت قد قامت بها لإقناع تلك القوى الرافضة والممتنعة عن المشاركة في الحوار..
فبجانب ما ذكره الأستاذ مزمل أبو القاسم في عموده أمس حول أهمية أن تكون رئاسة اللجنة من الحزب الحاكم صاحب المبادرة هناك أيضاً جوانب أخرى تتعلق بالشخصيات الممثلة في اللجنة والشخصية التي تترأس هذه اللجنة التي يجب أن تكون من الشخصيات الوسطية التي تحظى بشيء من القبول والثقة عند الطرف الآخر.
ولا أدري ما الذي يمنع أن تكون ضمن عضوية لجنة التفاوض مع تلك الأطراف شخصيات ذات وزن من خارج الطاولة لكنهم يتمتعون بشيء من القبول والقدرة على التواصل المفتوح مع تلك الأطراف، ومن قال إن القوى الممانعة تتعامل مع كل قيادات الحزب الحاكم بنفسية واحدة؟ هذا غير صحيح فهناك من لديهم خصوصية وتقدير خاص عند تلك القيادات ادفعوا بهم وليس بالطيب مصطفى الذي وحسب مواقفه المعروفة قد تكون لديه حدود محددة وخريطة خاصة به في خطته لاستهداف الممانعين وهي بالتأكيد خطة لا تشمل شخصيات معروفة بينها وبين الطيب مصطفى ما صنع الحداد.
الطيب مصطفى بطبيعته ليس من نوع الشخصيات التفاوضية من الأساس، ولا تتوافر في شخصيته السياسية تلك المرونة المطلوبة والصبر على التفاهم والأخذ والرد مع الآخرين، هو صاحب شخصية سياسية نهائية المواقف تديرها ذهنية طلاق حادة وقاطعة..
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.