عبد الجليل سليمان

عينا بلوتو


وكوكب بلوتو الذي يبعد عن الأرض حوالى (3 مليارات ميل) إلى حد أنه لا يرى من عليه إلا كجسم نيّر، مثل (الكواكب والنجوم) المتناثرة والسابحة في الفضاء ليلاً، ورغم هذا (البعد) أرسلت وكالة أبحاث الفضاء الأميركية (ناسا) مسباراً إليه ما اعتبره مراقبون اختراقاً علمياً غير مسبوق، فقد ظلت تفاصيل هذا الكوكب البعيد مجهولة تماماً بالنسبة لعلماء الفضاء، إلا أن نجاح المسبار (نيو هورايزن) الذي بلغت تكلفته (720 مليون دولار) في الوصول إليه بعد رحلة استغرقت تسع سنوات، أصاب فرحاً عظيماً لديهم، خاصة بعد أن كشفت المعلومات والصور الأولية التي أرسلها إلى (المحطة) الأرضية في الأيام الماضية على احتوائه كمية كبيرة من الغاز والميثان المتجمد والنيتروجين، كما كشفت عن تضاريسه التي تتكون من منحدرات وحفر وجبال متناثرة كما الأرض تماماً، حتى أن (آلن ستيرن) كبير الباحثين في معهد بحوث (ساوث ويست) في بولدر بولاية كولورادو، أطلق عبارته الشهيرة: “لم تكن لدينا أي فكرة عن أن بلوتو سيكون له هذا السطح الذي يفيض شبابا من الناحية الجيولوجية. إنها مفاجأة مثيرة”.

بالطبع، لن يفكر أحد في الرحيل إلى بلوتو كي يقيم هناك، فالكوكب الصغير جداً لا يصلح (حتى الآن) للحياة البشرية، رغم أنه يرجح أن تكوين بعض الجبال التي تحتل حيزاً مقدراً يبلغ ارتفاعها (11) ألف قدم ناتج عن جليد مائي، الأمر الذي يجعل احتمال تأسيس حياة عليه أمراً ليس مستحيلاً تماماً في المستقبل (غير المنظور) بالطبع.

لكن، كل هذا لا يهم الآن، فما يشغل العالم خارج (إقليمنا) المضطرب، هو الحصول على ثروات ضخمة من لدن تلك الكواكب التي ترسل إليها المسابير والمركبات، فالأميركيون ليسوا مجانين كي يخسروا كل تلك المليارات دون الحصول على مقابل. وكما أنهم يحصلون على مليارات المليارات من (الأموال) جراء الحروب التي يسهمون في إشعالها وإدارتها هنا وهناك، مرة باسم الدين والمذهب ومرة تحت عنوان الأوطان، ومرات بلا عناوين، خاصة في البلاد التي تعج بالجهلة والظلاميين الذين لديهم قابلية (نفسية) للعودة إلى الصراعات التي كانت تدور قبل نحو (14) قرنا واستجلابها إلى الراهن، كما يحدث في البلاد العربية الآن، فإنهم لن ينفقوا على المسكين بلوتو كل هذا المبلغ من أجل (عينيه الجميلتين) فقط.

فالكواكب كلها غنية بثروات مهولة، غنية بالمعادن ومصادر الطاقة، و…. و…. وما لا حصر لها من إمكانيات، فيما ثروات (كوكبنا) إلى نضوب وزوال وشيكين بسبب الإسراف في استهلاكها وتبديدها، لذلك فإن بلوتو وبما يحوي من كميات مهولة من الغاز وربما معادن وثروات أخرى، يعتبر خزانة احتياطية لا نظير لها.

على أي حال، نحن لا نساهم في شيء غير الحرب والموت والتفجيرات، لذلك فإن نصيبنا من غاز بلوتو لن يكون أفضل من نصيبنا من غاز كوكبنا إن لم يكن أسوأ، فهل ثمة (لوتري)؟