اليأس باهظ التكاليف
أستلف عبارة للشاعر الاسباني الكبير “لوركا” فقد قال: أنا أدافع عن ابتسامتي، أتفق مع شعار “لوركا” وأنا أستصحب مقولة الشاعر الفلسطيني “سميح القاسم” التي تذهب إلى أن (اليأس باهظ التكاليف).. وأهتف: التفاؤل ضرورة.. والأمل ضروري.. انظر إلى أسمارنا.. كل شيء غير جدير بالاحتفاء.. نتباكى على ماضٍ ولى.. وتصبح عصورنا الذهبية سابقة.. والزمن الجميل مضى أمره وانتهى.. دعاة اليأس والإحباط يقولون كلمة حق ما أرادوا بها الحق:
سياستنا خرقاء.. ساستنا انتهازيون طائفيون وبعضهم عملاء (عديل) فنوننا هابطة.. مسرحنا غائب.. درامتنا مبكية رياضتنا متقاعسة.. مافي أي حاجة كويسة.. فإن صح ذلك الطنين الذي يصدره الذباب البشري الذي انتخب اللا أمل فهذا يعني أننا أمة لا يرجى منها وشعب لا يقدر على حمل التبعات ومواطنون تعساء لا يجتهدون وسيتحولون بعد حين إلى رعايا.
وقد تابعت ذات مرة تداعيات غزو العمالة الأجنبية لبلادنا.. فنظرت بعين توقع المصيبة في الخيال.. وقلت ما يلي:- تركب الحافلة تلقى الكمساري حبشي والسواق هندي.. تخش الحافلة الطرمبة تلقى البياع بنغلاديشي بتاعين الحركة في الصواني صينيين.. يجي قطر خاشي الكبري تلقى سواقو اريتري والأشرجي بوسني.. تقعد في كازينو أمريكي.. تشرب قهوة تركية تاكل بيتزا ايطالية.. تخش السوق العربي تلقى عسكري سوري قابض ليهو نشال لبناني وداهو لي وكيل نيابة إيراني.. حكم عليه قاضى فرنسي.
ومع هذا علينا أن ندافع عن الابتسامة.. على النطاق الرومانسي قال أبو عركي: ابتسامة الزول تنبع من ضميرو.. قد يقول قائل ينظر إلى الدنيا بمنظار قاتم: هي وينا ذاتا الابتسامة..إن لم تجد ابتسامة تدافع عنها فلتراجع حساباتك.
ألم تحاول أن تجني حسنة واحدة حتى لو بتبسمك في وجه أخيك.. ألم تفكر في مداعبة طفل وابتسمت لابتسامته البريئة.. ألم تحي حسناء حيتك بابتسامة شاهقة.. ألم.. ألم.. لابد أن يكون لدينا ابتسامة ندافع عنها.
لأنك حين تدافع عن ابتسامتك ترى ببصيرة الشاعر الفحل “عبد الله البردوني”:-
وسماء غير هذي تنجلي.. من وراء الحلم من تحت الأكِنة
ورُبى أخرى صبايا للضحى من حكاياهن لثغاتُ وغُنه
عالماً يأتي بلا بادرة.. زمناً من لا متى من لا مظنه
ندافع عن ابتسامتنا حين :-
لا نخيف النسر بالبطة
لا نستجير من الرمضاء بالنار
لا نتوهم بأن الشمس تشرق لترى وجهنا الجميل
لا نسوي بأيدنا ما يغلب أجاويدنا
نكون فأساً لا يكسر رأساً
لا نخجل لأن نقول لمن نحبه نحبك
كل عيد وأنتم في الصف الأمامي تدافعون عن ابتسامتكم وابتسامة السودان.. احتفال أسرة الفنان “محمد وردي” بذكرى عيد ميلاده في 19 يوليو السابق وهذا الحضور البهي لأصدقائه وأهله ومن يحبونه.. دون خطب .. ودون أي ملامح سوى تحليق روحه الصافية فوق المحتفين بذكراه.. دون دموع وولولة يعتبر دفاعاً عن ابتسامتنا.