أو أشدً قسوة ..!!
:: يُحكى أن أحدهم، من ذوي الدخل المحدود، أنجبت زوجته ثم حالت ظروفها الصحية بينها وبين ارضاع المولود..فكرت الزوجة في أمر مولدها، ثم قررت إستئجار مرضعة ذات صحة وعافية لترضع المولود.. وعاد ذاك المسكين من العمل منهكاً ووجد المرضعة تؤدي واجبها و( الشافع يشفط)، بمزاج عال ..سأل الزوجة : ( ما شاء الله، قدرتي تختاري السمينة و الدارة، إتفقتي معاها بي كم؟)، فأجابت : ( والله بعد تحانيس وافقت بي خمسمائة جنيه في الشهر).. وكان هذا المبلغ إجمالي راتبه، ولذلك خاطبها بمنتهى اللامبالاة : ( تمام، نديها المرتب و نرضع كلنا)..!!
:: ودراسة أجرتها منظمة اليونسيف تكشف أن الرضاعة الطبيعية للأمهات في بلادنا لا تتجاوز (55.4%)، وهذا يعني أن الرضاعة الصناعية تشكل (45.6%)، وهي نسبة مزعجة ومحفوفة بالمخاطر.. فالرضاعة الطبيعية – لبن الأم – الأفضل والأمثل للطفل، ولكن ظروف صحية وأخرى إقتصادية تُقزم نسبة هذه الرضاعة وترفع نسبة الرضاعة الصناعية.. نعم، فالأم لا تلجأ إلى شراء الألبان من الصيدليات لتغذية مولودها إلا بأمر الطبيب أو لمجابهة تكاليف الحياة بالخروج إلى العمل ..وبالمناسبة، بلادنا تحتل المركز السابع في قائمة أسوأ دول العالم في رعاية الأمومة والطفولة، ومن كل الف طفل ينتقل (78 طفلا) إلى رحمة مولاهم، بسبب ( سوء التغذية)..!!
:: وتقارير الرعاية الاجتماعية – أي الحكومة ذاتها- أشارت قبل أشهر قليلة إلى إقتراب نسبة الفقر في بلادنا إلى (47%)..وهذه النسبة تعني لأي إقتصادي – ما عدا السادة بوزارة المالية – أن نسبة المواليد الذين يولودون في الأسر التي تعيش تحت خط الفقر لا تقل عن تلك النسبة أيضا (47%).. ولذلك، لم يكن مدهشاً أن تشير تقارير منظمة اليونسيف – و أقرت بها وزارة الصحة – قبل عام إلى أن مليون وثمانمائة الف طفل مصاب بسوء التغذية في بلادنا .. وكثيرة هي المؤشرات التي تشير إلى بؤس حال الأمومة والطفولة في بلادنا لحد تقزم الرضاعة الطبيعية إلى ( 55.5%)..!!
:: ومع ذلك، أي رغم بؤس حال الأمومة والطفولة غير المخفي، تابع أيها القارئ – بصبر الصابرين – لتعرف كيف تساعد خزينة الدولة أطفالنا المحرومين من الرضاعة الطبيعية لظروف صحية وإقتصادية.. وبالمناسبة، كل دول الدنيا والعالم تدعم (ألبان الأطفال)، بحيث توزع مجاناً عبر المشافي أو بسعر زهيد عبر الصيدليات ..ودولتنا السودانية أيضاً – بقلوب هي كالحجارة أو أشد قسوة – تدعم ألبان أطفالنا مراعاة لضعف نسبة الرضاعة الطبيعية.. !!
:: كيف تدعم؟.. هكذا بأمر ورعاية وزير المالية وتحصيله الإلكتروني .. الجمارك (10%)، ضريبة القيمة المضافة (17%)، ضريبة التنمية (13%)، ضريبة أرباح الأعمال (3%)، رسوم المواصفات والتخليص (5%)..هكذا الدعم الحكومي السخي في دولة تلك هي نسبة الرضاعة الطبيعية في أمهاتها، وتلك نسبة الفقر المدقع في أسرها، وتلك نسبة سوء التغذية في أطفالها..(48%)، من قيمة كل (علبة اللبن)، تدفعها الأم المصابة بسوء التغذية في الأرياف أوالأم العاملة في المدائن، لخزينة الدولة، ليبقى مولدها على ( قيد الحياة)..!!