جعفر عباس

بنت مقابل كلب

غل شاه سيدة أفغانية مات زوجها، وتعهدت برعاية ابنتهما الوحيدة حتى بلغت من العمر 11 سنة، في كوخ بائس في بلدة علي آباد في مقاطعة كندوز، وذات مساء اقتحم بيتها 12 رجلا قاموا بخنقها وطعنها بالسكين في ظهرها أربع مرات، ثم خرجوا مصطحبين معهم ابنتها سانوبار، ولم تر الأم ابنتها منذ تلك الحادثة التي وقعت قبل سنوات، ولن تراها رغم أنها تعرف أين ذهب بها خاطفوها، ففي أفغانستان التي سلم الأمريكان فيها زمام الأمور إلى رجل أخرق، اسمه حميد كرزاي، لنحو عشر سنوات، ومؤهله الوحيد أنه كان يجيد الانجليزية بحكم العيش طويلا في الهند، صار الأغنياء وزعماء القبائل فوق القانون وفوق عامة الناس، فلا شرطة ولا قضاء يردع الناس اللي فوق.
عندما كانت سانوبار تبلغ من العمر ستة أشهر تعهد أبوها بتزويجها من ابن أحد أثرياء البلدة ويدعى نعمة الله، وكان ابن نعمة الله عند ولادة سانوبار يبلغ من العمر 29 سنة!! توفي الأب قبل اربع سنوات وطلب «الوجيه» نعمة الله من أرملته إكمال زواج البنت التي كان عمرها وقتها سبع سنوات من ابنه الأهبل. نعم، فذلك الابن يعاني اضطرابا عقليا (يعني مجنون رسمي) ولا يسمع ولا يتكلم ومع هذا يريد أبوه أن يهديه بنتاً صغيرة «يلعب» بها.
رفضت الأم بيع ابنتها رغم أن نعمة الله وعدها بأن تعيش في «نعمة» وبحبحة ونغنغة، لأنه سيعطيها مهرا مهولا رغم أن البنت «هبة» من أبيها الراحل، وظلت تخفي ابنتها طوال تلك السنوات متنقلة من مكان إلى آخر في بلد فالت بائس مثل أفغانستان، حيث الموت بالمجان. ثم جاءت المداهمة واختطاف سانوبار، وهي الآن زوجة رجل فوق الأربعين بينما هي في الحادية عشرة، وليس من حقها أن ترى أمها! بل وصرح الثري نعمة الله بأن من حقه ان يختطف الطفلة تلك لأن أمها رفضت الالتزام باتفاق أبرم مع والدها المتوفى وهي في المهد!
طيب، إذا كانت مأساة الأم غل شاه وابنتها سانوبار معروفة وأطرافها معروفون حتى لشخص مثل أبي الجعافر لم يزر أفغانستان ويسأل الله ألا يزورها قط، فلماذا لا تتحرك الجهات الحكومية لوضع حد لتلك المأساة/ الملهاة؟ أي حكومة، الله يهدينا وإياك وأنت تعرف البئر وغطاه؟ ورئيس أفغانستان الحالي شهاب الدين الذي هو «****» من أخيه.
دعني أزيدك من الشعر بيتا: من خطط لعملية خطف الطفلة سانوبار وأرسل عصابة من 12 رجلا لضرب أمها ثم اختطافها، هو الملا نزار شاه حاكم مقاطعة كندوز (قبل ان تلاحظ انه حاكم المقاطعة لاحظ انه يحمل لقب ملا!)، وكان ذلك مقابل رشوة تلقاها من الثري نعمة الله، ولا تحاول أن تخمن كم تقاضى الحاكم نظير خطف طفلة -آدمية- فقد كانت الرشوة عينية وليست نقدية.
فبعد تسلم الطفلة قام نعمة الله بإهداء الحاكم الملا نزار شاه كلبا، بس مش كلب «أي كلام»، بل كلب معروف في المنطقة بشراسته ويكسب مسابقات «المصارعة والاقتتال» بين الكلاب التي تتم خلالها عمليات مراهنات يربح فيها صاحب الكلب الفائز مبالغ كبيرة (مراهنات يعني قمار وسمسار صفقة الخطف «ملا»)!!
لجأت السيدة غل شاه إلى منظمة حقوق الإنسان في أفغانستان، التي اتصلت بالحاكم الذي قايض بنتا بكلب، ولكنه شتم أعضاء المنظمة: تحاسبونني يا كلاب بسبب شكوى من امرأة متسولة؟ هاتوا البنت حتى نعرف إذا كانت شكوى تلك المرأة المعتوهة صحيحة أم لا! وكان الحاكم الملا يعرف ان «الدبان الأزرق» لن يعرف مكان وجود البنت، بعد ان قام نعمة الله بتهريبها مع ولده إلى باكستان.

jafabbas19@gmail.com