من يكتب تاريخ السودان.؟
أكثر الأحداث التاريخية السودانية, خاصة ما وقع في وقبل القرن التاسع عشر, وقليل من أحداث القرن العشرين وما تلاه.. أكثر تلك الأحداث إما مرويات شفاهية لم يتم تسجيلها في حينها أو رواية ظنية يعتمد المؤرخون في نسجهم لأحداث ها على تركيب صورة الأحداث المبعثرة.. مع قناعات تامة لدى الباحثين والدارسين بان الكثير من الأحداث التي سجلها الأجانب من ذوي الارتباط بالقوى المستعمرة أو المحتلة لبلادنا هي ما أراد له المحتلون و(المنتصرون) في المواجهات أن يكتب, ولنأخذ مثلا(قريباً) بمقاييس سنوات التاريخ الممتدة الى نهاية الكون.. ونقصد تاريخ الدولة المهدية نشأتها وتطورها وزوالها.. وهي فترة قريبة لا يحدث فيها تداخل بين الوقائع والأحداث في كثير من الدول التي استنارت شعوبها في تلك الفترة فجاءت الوقائع التاريخية مقاربة إن لم تكن مطابقة لما كتبه المؤرخون.
كثيراً ما نقول إن تاريخ السودان الحديث كتبه ( قلم المخابرات) البريطانية والشواهد كثيرة مثل (السيف والنار) لسلاطين باشا و(حرب النهر) لونستون تشرشل و(عشر سنوات من الأسر في سجون المهدي) للأب النمساوي جوزيف أورفالدر وغيرها.
لكن ما بال تاريخنا القريب والمعاصر يواجه شبهات التزييف والتزوير وإخفاء الحقائق.. كل إخفاء للحقيقة هو تزوير وتزييف للواقع.. وغياب الشهود هو واحد من ظهور الوقائع غير الحقيقية في مسيرة التاريخ.
جذبني حديث السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة وإمام كيان الأنصار في حلقاته الثلاث – ولازلنا في انتظار الرابعة- جذبني ذلك الحديث لكن استوقفني مثلما استوقف غيري المعلومات المتعلقة بانقلاب الفريق ابراهيم عبود, وإشارة السيد الصادق المهدي الى أن عملية ( تسليم وتسلم) تمت بين الأميرلاي عبد الله بك خليل رئيس الوزراء والأمين العام لحزب الأمة وبين الفريق عبود.. وفي هذا أقوال كثيرة, والشهود مازالوا أحياء, والأقوال متضاربة.. وتاريخنا يضيع تحت أقدامنا, ونمنح أبناءنا وكل الأجيال القادمة تاريخاً زائفاً وغير حقيقي.. نحن في حاجة للتدقيق والتمحيص والمراجعة.