منوعات

الأمثال الشعبية.. حكمة الأجداد ومستودع التقاليد.. الهدام والإيجابي

عرف البعض الأمثال بأنها نتاج لتجربة شخصاً ما، استخلصها في جملة قد تكون مفيدة أو لا، وفي ذات الوقت هي نظريات حياتية قابلة للصواب والخطأ ظل يتبعها الناس لزمن طويل كمرجعيات مجتمعية في التعامل، ومع ذلك رأى البعض أن هنالك جزءاً كبيراً من هذه الأمثال يعمل على زعزعة القيم السمحة، وعلى سبيل المثال المثل الشعبي القائل: “إذا كترت عليك الهموم ادمدم ونوم”، فهو يُدعم فكرة الهروب من المسؤولية، وعدم مواجهة الأمور للوصول لحلول جذرية.
بجانب المثل القائل: “كتير الفشفاش على أم الفضل” والفشفاش – رئة الذبيحة- وهي قطعة غير محببة لدى الكثيرين، ويستخدم هذا المثل حين تستكثر قبيح الأشياء على أحدهم، وذلك لأنه لا يستحق إلا الأسوأ من الأمور، فرأى كثير من الناس أن نظم التربية والتوجيه بحاجة إلى فلترة أكثر من ذلك، وذلك كي نغرس بداخل أبنائنا خلاصة القيمة السمحة، وأن لا نستهين بمؤسسة الأحجية والأمثال في التربية، فهي من الأساليب السريعة الحفظ والهضم للطفل.
قيمة مرجعية
وفي السياق، ترى آلاء الفاتح – خريجة علوم- أن الكثير من الأمثال لا ترتقي للمستوى الذي يجعل منها قيمة مرجعية. وأضافت قائلة: ومن الأمثال التي لا أحبها المثل القائل: “كتيرة الزغاريد على راعي البقر” الذي يُستخدم لاستكثار أمر ما على أحدهم، فلو ردد ذلك الحكيم غير الحكيم مثله هذا عدة مرات بينه وبين نفسه لاستحى منه، لأنه يدعو للتقليل من شأن الآخرين والسخرية من وظائفهم، وهنا نغرس بداخل أبنائنا قيمة ترتيب الأشخاص على حسب وظائفهم ومكاناتهم الاجتماعية والمهنية، وننسى تماما أنه لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى، وفي هذا تقليل من شأن البشر وتحقير لإنسانيتهم. وأضافت ساخطة: فمن الذي قرر أن راعي البقر لا يستحق الزغاريد التي تمثل أبسط التعابير عن الفرح، وأحب أن أقول لمستخدمي هذا المثل “الفي يدو القلم ما بكتب روحو شقي”، فلو كان بيد هذا الراعي تغيير قدره لما توانى عن ذلك، ولسعى جاهدا لاختيار واقع أفضل بمعطيات مثالية ووظيفة مرموقة.
قناعات مجتمعية
في ظل مجتمع يخاف من التغيير ويتشبث بالقديم من العادات، يصبح قول الحكماء كالمنزلات من الكتب السماوية، وأحياناً ترتفع قيمة الحكيم في محيطه لدرجة تدفع مريديه للتسليم بكل ما يقوله دون أدنى تفكير، في أن هذا المثل كان يصلح في وضع مغاير ولناس آخرين، لكنهم يظلون مصرين على استخدام عبارات على شاكلة: “زي ما قال الشيخ فلان الفلاني” و”على رأي المثل” أو كما “قال الحكيم”، هكذا ابتدر عماد الدين مصطفى حديثه، وأضاف قائلا: عبارات نستخدمها لتدعيم نظرياتنا الاجتماعية التي نشئنا عليها، متناسين أن هذه الأمثال بالتأكيد تصلح كجرعات تربوية للأجيال القادمة. وأيده محمد الخاتم – طالب محاسبة- مضيفا: ينبغي فلترة هذه الحكم والأمثال والأحاجي لنُساهم في إخراج جيل متصالح مع ذاته، فكيف نربي أبناءنا على ضرورة احترام المرأة ومنحها استقلاليتها وما تستحقة من الاحترام. وفي ذات الوقت نغذي عقله بأمثال على غرار “المرا شاورا وخالفها” أو “المرا كان بقت فاس ما بتكسر الراس”.
أمثال هدامة
وقالت سيدة محمد نور – معلمة أساس- إن هنالك أمثالاً هدامة تسير عكس تحضر البشر، وكلما سمعتها قلت لنفسي: يا ترى من هذا الأبله الذي أجهد نفسه وعصر بنات أفكاره ليُخرج لنا هذا المثل المظلم إلى النور، ومع ذلك لدينا الكثير من الأمثال الجميلة مثل “البغر ولا الحسادة”، والذي يدعو لحب الخير للآخرين، وكذلك “عيب الزاد ولا عيب سيدو”، الذي يغرس قيمة تقدير ما يقدمه المضيف لضيفه، وهذا أسلوب تربوي في غاية الإنسانية.

اليوم التالي