أَم عَهدُ إِسماعيلَ
بالطبع، لن يكتسب انتقاد (حزب الأمة – جناح مبارك الفاضل) للقيادي السابق فيه (حسن إسماعيل) كونه فضل الوزارة الولائية على المبادئ الحزبية العليا، أهمية كبرى لجهة أن لـ (مبارك الفاضل) وكوادر حزبه العليا مواقف مماثلة (صورة طبق الأصل) لما فعل (حسن)، وكأن هذا الفعل بند أساسي في لوائح الحزب الداخلية، ومبدأ من مبادئه الراسخة. (إسماعيل) الذي استقال عن حزبه (الأمة) بحجة إن عمله ككاتب رأي راتب بيوميات الخرطوم جعله مؤثراً في مواقع القرار السياسي من خلال كتاباته وأفكاره، وأنه يريد أن يتحرر من الحزبية حتى يساهم في تلك المتغيرات، لم يلبث إلا بعض يوم حتى اختاره الحزب الحاكم وزيراً للحكم المحلي في حكومة ولاية الخرطوم، الأمر الذي جعله (عرضة للنقد) باعتباره تخلى عن مبادئه وقيمه من أجل (حفنة) وزارة ولائية. الوزير الذي ظل منافحاً عن مواقفه، انسحب أمام السيل الجارف، فأخلى حسابه في (فيس بوك وواتس أب)، ربما لأنه لا يريد التعاطي مع هذه السفاهات بعد استوزاره – وهذه حقه – إلا أن مرافعته عن خياره بأخيرة أمس من يومية الصيحة جاءت التي يكتب فيها زاويته الراتبة، جاءت باهتة ومرتبكة ومفككة، فالرجل خصص مقدمة (عموده) للحديث عن نفسه وكيف أنه ظل ينشط سياسياً تحت وابل الصخب والضجيج والفرقعات داخل حزبه وخارجه، ثم مضى إلى تحليل الحملة الاسفيرية ضده وفقاً لثلاثة احتمالات، انفعال بدافع (الشفقة)، انفعال عاطفي غاضب، أو اغتيال الشخصية. فيا لهول (تحليل) حسن إسماعيل، إذ وضع كل منقدي خياره (الوزاري) في فسطاطين (انفعاليين وقتلة)، لكن عجز تماماً عن تقديم مرافعة (محترمة) تبرر اختيار العمل مع حزب المؤتمر الوطني وتنفيذ برامجه، فماذا قال، اقرأوا معي: “إنني وضعت نفسي أمام تحدٍّ كبير، وحدي أتحمل مسؤوليته أمام ضميري والرأي العام”. طيّب يا (حسن) هل هذا كل ما لديك؟ هل هذه الجملة الإنشائية، تعد مبرراً كافياً لتغير موقفك (360) درجة وبهذه السرعة، وهل كنت تعتقد أن (غيرك) ستحمل عنك نتائج اختيارك؟ يا سيدي، ليس لديك ما تقول، ولست مطالباً بتبرير، لأنك ببساطة اخترت الوزارة على المبادئ التي كنت تدعو إليها، وهذا ليس دأبك وحدك، حتى رئيسك في الحزب جرب ذلك، ويمكنه أن يفعل مجدداً إذ دُعي إليه، فمعظم الأحزاب (المعارضة) صارت مؤتمر وطني، فلماذا لا تصبح أنت (وزيراً) فهذا حقك كمواطن سوداني مناضل، قبل أن يكون حقك كعضو في الحزب الحاكم. الآن، وهنا، ينبغي عليَّ أن (أعيد وأكرر)، بأن لا يثق أحدكم في أي (سياسي)، مهما عارض الحكومة ونافحها وقاتلها سنان بسنان، لأن السياسيين في هذه البلاد غايتهم الوزارة، وهذا سلوك (قديم) متوارث، يمكن تفسيره وفقاً لنظريات التحليل النفسي، التي تقول بأن انهزام الضمير الإنساني أمام المثيرات الخارجية، كالمثير المالي، أو السلطوي، تتوقف على طبيعة الملكة النفسية، ونوعية المحتوى الداخلي له، وهذا المحتوى هو الذي يحدد موقفه من المثير، ومدى استجابته له.