سدنة مايو .. بي فكرك ووعيك يا ريس
لم أكن أتوقع بأن هناك (مايويين) يمشون بيننا إلى الآن ويحملون بين جوانحهم ولاءً وحباً عاصفين لنظام الرئيس الأسبق الراحل (جعفر نميري)، لولا أن وقعت على ما أورده الأستاذ (مصطفى أبو العزائم) في زاويته بعدد أمس من يومية (آخر لحظة)، بأن أحد القياديين المايويين زاره في مكتبه وعبَّر له عن غضبه، وحزن وإحباط رئيسته (فاطمة عبد المحمود) من تحذير رئيس الجمهورية ورئيس حزب المؤتمر الوطني أعضاء حزبه من الانحدار إلى ما يشبه (الاتحاد الاشتراكي السوداني)، بحسب صاحب (بعد ومسافة).
بغض النظر، عن رأي حزب المؤتمر الوطني في الاتحاد الاشتراكي (حزب النميري وسدنته)، وهما متشابهان في كثير من المساقات والمسارات والمناحي، وجدتني مصعوقاً من تمسك هؤلاء بـ (لا شيء) بعد انصرام حكمهم وذهاب ريحة منذ (30) عاماً خلت، وتساءلت: ما الذي يجعل هؤلاء النفر يتشبثون بذلك الجسم الغريب، المصنوع، المفتعل، والمستعار من الاتحاد الاشتراكي (المصري) المنحل الذي أسسه الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر عن في 4 يوليو 1962 كتنظيم سياسي وحيد (لا شريك له)؟
نقبت عن أيدولوجيا، أو برنامج، أو حتى فكرة عابرة، تجعل هؤلاء (رغم عدم وجودهم في الواقع)، يغضبون كون الحزب الحاكم حذر أعضاءه من الانحدار (إليهم)؟ ظننتهم سيفرحون كونهم عادوا شيئاً مذكوراً.
لكن، في واقع الأمر، وفيما كنت أنقب خلف أسباب غضب (سدنة مايو) من تحذير رئيس حزب المؤتمر الوطني أعضاء حزبه من التشبه بهم، وتنبيههم من مخاطر احتذاء حذوهم، وحين ظننت أنني لم أجد سبباً يجعل هؤلاء النفر من (السدنة) مؤمنين حنفاء لحزبهم المندثر، وجدت ما يجعلني أتزحزح قليلاً عن ظنوني السيئة بهم وبحزبهم ونظامهم، ألا وهو الغناء (الرائع) – وينبغي أن تفهم كلمة رائع تلك ضمن قوسيها فقط – وأنا غير مسؤول عن (معانيها) خارج القوس، فنظام مايو بقيادة ما يسمى بالاتحاد الاشتراكي السوداني، حظي بوافر الغناء وأجمله في تاريخ السودان السياسي، إلى حد أن الغناء لهذا الحزب وذاك النظام فاق الغناء للوطن نفسه، جودة في الكلمة واللحن والقوالب الموسيقية والتطريب، واضطلعت بتنفيذ هذه المهمة الغنائية الجليلة في تمجيد الانقلابيين السدنة المايويين مفرزة من كبار المطربين، نذكر منهم: محمد وردي “أنت يا مايو بطاقتنا التي ضاعت سنينا/ أنت يا مايو ستبقى بين أيدينا وفينا/ لم تكن حلماً ولكن كنت للشعب انتظاراً”.. سيد خليفة (بالملايين قلناها نعم).. عبد العزيز داؤود (نقولها نعم).. شرحبيل أحمد (قدم الخير).. خليل إسماعيل (حباب مايو حباب عزك).. صلاح مصطفى (نميري قال كلام).. ميرغني المأمون وأحمد حسن جمعة “خليك حريص.. إنت القائد وانت الرئيس”.. حنان إبراهيم “بي فكرك ووعيك يا ريس يا داب سودانا بقي كويسك”.
فقلت: ونعم بالله، خاصة وأن الفنانة الأخيرة (حنان) هزمت ادعائي بأن نظام مايو و(رئيسه) وسدنته وتابعيه، إلى يومنا هذا لا يمتلكون فكراً ولا وعياً ولا مبدأ، فإذا بها تغني لـ (فكره ووعيه)، وإذ بالسدنة يغضبون لمجرد كلمة عابرة أطلقها رئيس الحكم الحاكم, فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون تجدون عجباً في هذه البلاد العجيبة.